وَفِيهِ أَنَّهُ إِنْ أَرَادَ بِقَوْلِهِ عَلَى قِرَاءَةِ الرَّفْعِ قِرَاءَةَ الْجُمْهُورِ، فَهُوَ لَيْسَ صَرِيحًا فِي الْمَقْصُودِ فَإِنَّهُ يَحْتَمِلُ الرَّفْعَ عَلَى أَنَّهُ مُسْتَأْنَفٌ، وَيُؤَيِّدُهُ إِنْ قُرِئَ " لَا يَضُرُّكُمْ "، وَيَحْتَمِلُ الْجَزْمَ عَلَى الْجَوَابِ أَوِ النَّهْيِ، وَالْقِيَاسُ الْفَتْحُ، لَكِنَّهُ ضُمَّتِ الرَّاءُ اتْبَاعًا لِضَمَّةِ الضَّادِ الْمَنْقُولَةِ إِلَيْهَا مِنَ الرَّاءِ الْمُدْغَمَةِ، وَيَنْصُرُهُ قِرَاءَةُ مَنْ قَرَأَ " لَا يَضُرَّكُمْ " بِفَتْحِ الرَّاءِ، وَإِنْ أَرَادَ بِالرَّفْعِ إِثْبَاتَ النُّونِ فَهُوَ غَيْرُ مَحْفُوظٍ - وَاللَّهُ أَعْلَمُ - مَعَ أَنَّهُ مِنْ لُغَةِ أَكَلُونِي الْبَرَاغِيثُ، أَوْ نَقُولُ: هُوَ خَبَرٌ فِي مَعْنَى النَّهْيِ مُبَالَغَةً فَيَكُونُ تَأْكِيدًا لِلْأَمْرِ بِالْحَذَرِ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ جَوَابَ الْأَمْرِ لِوُجُودِ النُّونِ (وَلَا يَفْتِنُونَكُمْ) ، أَيْ: يُوقِعُونَكُمْ فِي الْفِتْنَةِ وَهِيَ الشِّرْكُ قَالَ تَعَالَى: {وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ} [البقرة: 191] أَوْ يُرَادُ بِهَا عَذَابُ الْآخِرَةِ. قَالَ تَعَالَى: {ذُوقُوا فِتْنَتَكُمْ} [الذاريات: 14] . (رَوَاهُ مُسْلِمٌ) .