2344 - وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " «إِنَّ الشَّيْطَانَ قَالَ: وَعِزَّتِكَ يَا رَبِّ لَا أَبْرَحُ أُغْوِي عِبَادَكَ مَا دَامَتْ أَرْوَاحُهُمْ فِي أَجْسَادِهِمْ، فَقَالَ الرَّبُّ عَزَّ وَجَلَّ: وَعِزَّتِي وَجَلَالِي وَارْتِفَاعِ مَكَانِي لَا أَزَالُ أَغْفِرُ لَهُمْ مَا اسْتَغْفَرُونِي» ". رَوَاهُ أَحْمَدُ.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
2344 - (وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " إِنَّ الشَّيْطَانَ) أَيْ: إِبْلِيسَ كَمَا فِي رِوَايَةٍ: (قَالَ: بِعِزَّتِكَ يَا رَبِّ) ! أَيْ: أُقْسِمُ بِعِزَّتِكَ الَّتِي لَا تُرَامُ، وَفِي رِوَايَةٍ زِيَادَةُ وَجَلَالِكَ، وَفِيهِ إِيمَاءٌ إِلَى أَنَّهُ رَئِيسُ الضَّلَالِ وَمَظْهَرُ " الْجَلَالِ "، كَمَا أَنَّ نَبِيَّنَا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَظْهَرُ الْعِنَايَةِ وَالْجَمَالِ، وَسَيِّدُ أَهْلِ الْهِدَايَةِ وَالْكَمَالِ (لَا أَبْرَحُ) أَيْ: لَا أَزَالُ (أُغْوِي عِبَادَكَ) : بَنِي آدَمَ بِضَمِّ الْهَمْزَةِ وَكَسْرِ الْوَاوِ أَيْ: أُضِلُّهُمْ. (مَا دَامَتْ أَرْوَاحُهُمْ فِي أَجْسَادِهِمْ، فَقَالَ الرَّبُّ عَزَّ وَجَلَّ: وَعِزَّتِي وَجَلَالِي وَارْتِفَاعِ مَكَانِي) أَيْ: عُلُوِّ مَرْتَبَتِي وَرِفْعَةِ مَكَانِي (لَا أَزَالُ) : وَفِي رِوَايَةٍ: لَا أَبْرَحُ، وَالْأُولَى أَوْلَى لِلتَّفَنُّنِ وَلِلتَّبْيِينِ (أَغْفِرُ لَهُمْ مَا اسْتَغْفَرُونِي) .
قَالَ الطِّيبِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ: فَإِنْ قُلْتَ: كَيْفَ الْمُطَابَقَةُ بَيْنَ هَذَا الْحَدِيثِ، وَبَيْنَ قَوْلِهِ تَعَالَى: {لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ - إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ - قَالَ فَالْحَقُّ وَالْحَقَّ أَقُولُ - لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْكَ وَمِمَّنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ أَجْمَعِينَ} [ص: 82 - 85] فَإِنَّ الْآيَةَ دَلَّتْ عَلَى أَنَّ الْمُخْلَصِينَ هُمُ النَّاجُونَ فَحَسْبُ، وَالْحَدِيثُ دَالٌّ عَلَى أَنَّ غَيْرَ الْمُخْلَصِينَ هُمْ أَيْضًا نَاجُونَ. قُلْتُ: قَيْدُ قَوْلِهِ تَعَالَى: مِمَّنْ تَبِعَكَ أَخْرَجَ الْعَاصِينَ الْمُسْتَغْفِرِينَ مِنْهُمْ لِأَنَّ الْمَعْنَى فِي اتَّبَعَكَ: اسْتَمَرَّ عَلَى الْمُتَابَعَةِ وَلَمْ يَرْجِعْ إِلَى اللَّهِ وَلَمْ يَسْتَغْفِرِ. اهـ. وَتَبِعَهُ ابْنُ حَجَرٍ وَقَالَ: وَلَمْ يَرْجِعْ إِلَى التَّوْبَةِ. وَالْأَظْهَرُ - وَاللَّهُ أَعْلَمُ - أَنْ يُقَالَ فِي دَفْعِ هَذَا الْإِشْكَالِ الَّذِي مِنْ أَصْلِهِ لِأَهْلِ الِاعْتِزَالِ: أَنَّ الْمُرَادَ بِالْمُخْلَصِينَ الْمُوَحِّدُونَ الَّذِينَ أَخْلَصَهُمُ اللَّهُ مِنَ الشِّرْكِ، وَلَعَلَّ الْحِكْمَةَ فِي إِيرَادِ لَفْظِ الْمُخْلَصِينَ تَحْصِينُ الْخَوْفِ فِي قُلُوبِ الْمُخْلَصِينَ مِنْ دُخُولِ النَّارِ مَعَ الْكَافِرِينَ. (رَوَاهُ أَحْمَدُ) . وَكَذَا ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ فِي مُصَنَّفِهِ.