2220 - وَعَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ قَالَ: أَرْسَلَ إِلَيَّ أَبُو بَكْرٍ مَقْتَلَ أَهْلِ الْيَمَامَةِ فَإِذَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ عِنْدَهُ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: إِنَّ عُمَرَ أَتَانِي فَقَالَ إِنَّ الْقَتْلَ قَدِ اسْتَحَرَّ يَوْمَ الْيَمَامَةِ بِقُرَّاءِ الْقُرْآنِ، وَإِنِّي أَخْشَى أَنِ اسْتَحَرَّ الْقَتْلُ بِالْقُرَّاءِ بِالْمَوَاطِنِ فَيَذْهَبُ كَثِيرٌ مِنَ الْقُرْآنِ، وَإِنِّي أَرَى أَنْ تَأْمُرَ بِجَمْعِ الْقُرْآنِ، قُلْتُ لِعُمَرَ: كَيْفَ تَفْعَلُ شَيْئًا لَمْ يَفْعَلْهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ عُمَرُ: هَذَا وَاللَّهِ خَيْرٌ فَلَمْ يَزَلْ عُمَرُ يُرَاجِعُنِي حَتَّى شَرَحَ اللَّهُ صَدْرِي لِذَلِكَ وَرَأَيْتُ فِي ذَلِكَ الَّذِي رَأَى عُمَرُ، قَالَ زَيْدٌ: قَالَ أَبُو بَكْرٍ: إِنَّكَ رَجُلٌ شَابٌّ عَاقِلٌ لَا نَتَّهِمُكَ وَقَدْ كُنْتَ تَكْتُبُ الْوَحْيَ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَتَتَبَّعِ الْقُرْآنَ فَاجْمَعْهُ، فَوَاللَّهِ لَوْ كَلَّفُونِي نَقْلَ جَبَلٍ مِنَ الْجِبَالِ مَا كَانَ أَثْقَلَ عَلَيَّ مِمَّا أَمَرَنِي بِهِ مِنْ جَمْعِ الْقُرْآنِ، قَالَ: قُلْتُ: كَيْفَ يَفْعَلُونَ شَيْئًا لَمْ يَفْعَلْهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: هُوَ وَاللَّهِ خَيْرٌ، فَلَمْ يَزَلْ أَبُو بَكْرٍ يُرَاجِعُنِي حَتَّى شَرَحَ اللَّهُ صَدْرِي لِلَّذِي شَرَحَ لَهُ صَدْرَ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ، فَتَتَبَّعْتُ الْقُرْآنَ أَجْمَعُهُ مِنَ الْعُسُبِ، وَاللِّخَافِ، وَصُدُورِ الرِّجَالِ، حَتَّى وَجَدْتُ سُورَةَ التَّوْبَةِ مَعَ أَبِي خُزَيْمَةَ الْأَنْصَارِيِّ، لَمْ أَجِدْهَا مَعَ أَحَدٍ غَيْرِهِ، {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ} [التوبة: 128] حَتَّى خَاتِمَةِ بَرَاءَةَ، فَكَانَتِ الصُّحُفُ عِنْدَ أَبِي بَكْرٍ حَتَّى تَوَفَّاهُ اللَّهُ، ثُمَّ عِنْدَ عُمَرَ فِي حَيَاتِهِ، ثُمَّ عِنْدَ حَفْصَةَ بِنْتِ عُمَرَ، رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
2220 - (وَعَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ قَالَ أَرْسَلَ إِلَيَّ) أَيْ أَحَدًا (أَبُو بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - مَقْتَلَ أَهْلِ الْيَمَامَةِ) نُصِبَ عَلَى الظَّرْفِيَّةِ أَيْ: عَقِيبَ زَمَانِ قَتْلِهِمْ وَهِيَ بِلَادٌ، قَالَ فِي الْقَامُوسِ الْيَمَامَةُ: الْقَصْدُ كَالْيَمَامِ، وَجَارِيَةٌ زَرْقَاءُ كَانَتْ تُبْصِرُ الرَّاكِبَ مِنْ مَسِيرَةِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ، وَبِلَادُ الْجَوِّ مَنْسُوبَةٌ إِلَيْهَا سُمِّيَتْ بِاسْمِهَا؛ لِأَنَّهَا اكْثَرُ نَخِيلًا مِنْ سَائِرِ الْحِجَازِ، وَبِهَا تَنَبَّأَ مُسَيْلِمَةُ الْكَذَّابُ، وَهِيَ دُونَ الْمَدِينَةِ فِي وَسَطِ الشَّرْقِ عَنْ مَكَّةَ عَلَى سِتَّ عَشْرَةَ مَرْحَلَةً مِنَ الْبَصْرَةِ وَعَنِ الْكُوفَةِ نَحْوَهَا، وَأَغْرَبَ ابْنُ حَجَرٍ فَقَالَ: وَالْيَمَامَةُ قَرْيَةٌ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الطَّائِفِ يَوْمَانِ أَوْ يَوْمٌ كَذَا أَطْبَقُوا عَلَيْهِ. قَالَ الطِّيبِيُّ: بَعَثَ أَبُو بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ مَعَ جَيْشٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ إِلَى الْيَمَامَةِ فَقَاتَلَهُمْ بَنُو حَنِيفَةَ قِتَالًا لَمْ يَرَ الْمُسْلِمُونَ مِثْلَهُ، وَقُتِلَ مِنَ الْقُرَّاءِ يَوْمَئِذٍ سَبْعُمِائَةٍ، قِيلَ: وَقُتِلَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ أَلْفٌ وَمِائَتَانِ، ثُمَّ إِنَّ جَمَاعَةً مِنَ الْمُسْلِمِينَ كَالْبَرَاءِ بْنِ مَالِكٍ وَغَيْرِهِ حَمَلُوا عَلَى أَصْحَابِ مُسَيْلِمَةَ فَانْكَشَفُوا وَتَبِعَهُمُ الْمُسْلِمُونَ وَقَتَلُوا مُسَيْلِمَةَ وَأَصْحَابَهُ، قَتَلَهُ وَحْشِيٌّ قَاتِلُ حَمْزَةَ، فَقَالُوا لَهُ: هَذِهِ بِتِلْكَ (فَإِذَا عُمَرُ) : أَيْ قَالَ زَيْدٌ: فَجِئْتُهُ فَإِذَا عُمَرُ (ابْنُ الْخَطَّابِ عِنْدَهُ) أَيْ: عِنْدَ أَبِي بَكْرٍ، قِيلَ: وَسَبَبُ مَجِيئِهِ لِطَلَبِ جَمْعِهِ مَا جَاءَ بِسَنَدٍ مُنْقَطِعٍ أَنَّهُ سَأَلَ عَنْ آيَةٍ فَقِيلَ لَهُ كَانَتْ مَعَ فُلَانٍ قُتِلَ يَوْمَ الْيَمَامَةِ، فَقَالَ: إِنَّا لِلَّهِ، وَأَتَى بِجَمْعِ الْقُرْآنِ فَكَانَ أَوَّلَ مَنْ جَمَعَهُ فِي الْمُصْحَفِ، وَالْمُرَادُ بِكَوْنِهِ أَوَّلَ مَنْ جَمَعَهُ أَنَّهُ أَوَّلُ مَنْ تَسَبَّبَ فِي جَمْعِهِ (قَالَ أَبُو بَكْرٍ) : أَيْ لِزَيْدٍ (إِنَّ عُمَرَ أَتَانِي فَقَالَ) : أَيْ عُمَرُ (إِنَّ الْقَتْلَ قَدِ اسْتَحَرَّ) مِنَ الْحَرِّ بِمَعْنَى الشِّدَّةِ أَيِ: اشْتَدَّ وَكَثُرَ (يَوْمَ الْيَمَامَةِ بِقُرَّاءِ الْقُرْآنِ وَإِنِّي أَخْشَى إِنِ اسْتَحَرَّ الْقَتْلُ) بِفَتْحِ هَمْزَةِ أَنْ، وَتُكْسَرُ (بِالْقُرَّاءِ) مُتَعَلِّقٌ بِالْفِعْلِ، أَوِ الْقَتْلِ.
(بِالْمَوَاطِنِ) ظَرْفِيَّةٌ أَيْ: فِي الْمَوَاطِنِ الْأُخَرِ مِنَ الْحُرُوبِ الَّتِي يَحْتَاجُونَ إِلَيْهَا لِدَفْعِ أَعْدَاءِ الْإِسْلَامِ الْكَثِيرِ، قَالَ الطِّيبِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: أَيْ أَخْشَى اسْتِحْرَارَهُ، وَالْمُرَادُ الزِّيَادَةُ عَلَى مَا كَانَ يَوْمَ الْيَمَامَةِ؛ لِأَنَّ الْخَشْيَةَ إِنَّمَا تَكُونُ مِمَّا لَمْ يُوجَدْ مِنَ الْمَكَارِهِ، فَقَوْلُهُ إِنِ اسْتَحَرَّ: مَفْعُولُ أَخْشَى، وَالْفَاءُ فِي فَيَذْهَبُ: لِلتَّعْقِيبِ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ إِنْ بِالْكَسْرِ، وَالْجُمْلَةُ الشَّرْطِيَّةُ دَالَّةٌ عَلَى مَفْعُولِ أَخْشَى (فَيَذْهَبُ كَثِيرٌ مِنَ الْقُرْآنِ) فِي بَعْضِ النُّسَخِ بِالنَّصْبِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ لَفْظًا وَمَعْنًى عَطْفًا عَلَى اسْتَحَرَّ، عَلَى أَنَّ أَنْ مَصْدَرِيَّةٌ وَهِيَ الرِّوَايَةُ الصَّحِيحَةُ فِي أَكْثَرِ النُّسَخِ الْمُصَحَّحَةِ الْمَقْرُوَءَةِ عَلَى الْمَشَايِخِ بِالرَّفْعِ مَعَ فَتْحِ الْهَمْزَةِ فِي أَنْ، فَقِيلَ: رَفْعُهُ عَلَى أَنَّهُ جَوَابُ شَرْطٍ مَحْذُوفٍ، أَيْ: فَإِذَا اسْتَحَرَّ فَيَذْهَبُ، أَوْ عَطْفٌ عَلَى مَحَلِّ إِنِّي أَخْشَى، أَيْ: فَيَذْهَبُ حِينَئِذٍ كَثِيرٌ مِنَ الْقُرْآنِ بِذَهَابِ كَثِيرٍ مِنْ قُرَّاءِ الزَّمَانِ (وَإِنِّي أَرَى أَنْ تَأْمُرَ) مِنَ الرَّأْيِ أَيْ: أَذْهَبُ إِلَى أَنْ تَأْمُرَ كَتَبَةَ الْوَحْيِ (بِجَمْعِ الْقُرْآنِ) قَبْلَ تَفَرُّقِ قُرَّاءِ الدُّوَرَانِ (قُلْتُ) : أَيْ قَالَ أَبُو بَكْرٍ قُلْتُ (لِعُمَرَ كَيْفَ تَفْعَلُ) بِصِيغَةِ الْخِطَابِ، وَقِيلَ بِالتَّكَلُّمِ: أَيْ: أَنْتَ، أَوْ نَحْنُ (شَيْئًا لَمْ يَفْعَلْهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) هَذَا لَا يُنَافِي مَا ذَكَرَهُ فِي مُسْتَدْرَكِهِ جُمِعَ الْقُرْآنُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ إِحْدَاهَا بِحَضْرَةِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، ثُمَّ أَخْرَجَ بِسَنَدٍ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ عَنْ زَيْدٍ كُنَّا عِنْدَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُؤَلِّفُ الْقُرْآنَ فِي الرِّقَاعِ، الْحَدِيثَ، لِأَنَّ ذَلِكَ الْجَمْعَ غَيْرُ الْجَمْعِ الَّذِي نَحْنُ فِيهِ، وَلِذَا قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ تَأْلِيفَ مَا نَزَلَ مِنَ الْآيَاتِ الْمُفَرَّقَةِ فِي سُوَرِهَا وَجَمْعَهَا فِيهَا بِإِشَارَةِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (فَقَالَ عُمَرُ: هَذَا وَاللَّهِ خَيْرٌ) : أَيْ هَذَا الْجَمْعُ فِي مُصْحَفٍ وَاحِدٍ وَإِنْ كَانَ بِدْعَةً لَكِنْ لِأَجْلِ الْحِفْظِ خَيْرٌ مَحْضٌ (فَلَمْ يَزَلْ عُمَرُ يُرَاجِعُنِي) : أَيْ يُرَاوِدُنِي فِي الْخِطَابِ وَالْجَوَابِ (حَتَّى شَرَحَ اللَّهُ صَدْرِي لِذَلِكَ) : أَيْ لِذَلِكَ الْجَمْعِ الْمُوجِبِ لِعَدَمِ التَّفَرُّقِ (وَرَأَيْتُ فِي ذَلِكَ) : أَيْ مَا ذَكَرَ مِنَ الْجَمْعِ، أَوِ الشَّرْحِ (الَّذِي رَأَى عُمَرُ، قَالَ زَيْدٌ: قَالَ أَبُو بَكْرٍ) : أَيْ بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ الْأَمْرَ الَّذِي هُوَ تَوْطِئَةٌ لِلْأَمْرِ بِالْجَمْعِ (إِنَّكَ رَجُلٌ) كَامِلٌ فِي الرُّجُولِيَّةِ (شَابٌّ عَاقِلٌ) قَالَ الطِّيبِيُّ: إِشَارَةً إِلَى الْقُوَّةِ، وَحِدَّةِ النَّظَرِ، وَقُوَّةِ الضَّبْطِ، وَالْحِفْظِ، وَالْأَمَانَةِ، وَالدِّيَانَةِ (لَا نَتَّهِمُكَ) : أَيْ بِتَشْدِيدِ التَّاءِ، أَيْ: لَا نُدْخِلُ عَلَيْكَ التُّهْمَةَ لِعَدَالَتِكَ فِي شَيْءٍ مِمَّا تَنْقُلُهُ، فِي الْقَامُوسِ: اتَّهَمَهُ بِكَذَا اتِّهَامًا وَاتَّهَمَهُ كَافْتَعَلَهُ أَدْخَلَ عَلَيْهِ التُّهَمَةَ كَهُمَزَةٍ: أَيْ مَا يُتَّهَمُ عَلَيْهِ فَاتُّهِمْ هُوَ (وَقَدْ كُنْتَ تَكْتُبُ الْوَحْيَ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) : أَيْ غَالِبًا لِأَنَّ كُتَّابَهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - بَلَغُوا أَرْبَعًا وَعِشْرِينَ مِنْهُمُ الْخُلَفَاءُ الْأَرْبَعَةُ كَمَا