(فَقَالَ اقْرَءُوا) ، أَيْ: كُلُّكُمْ (فَكُلٌّ حَسَنٌ) ، أَيْ: فَكُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْ قِرَاءَتِكُمْ حَسَنَةٌ مَرْجُوَّةٌ لِلثَّوَابِ إِذَا آثَرْتُمُ الْآجِلَةَ عَلَى الْعَاجِلَةِ، وَلَا عَلَيْكُمْ أَنْ لَا تُقِيمُوا أَلْسِنَتَكُمْ إِقَامَةَ الْقِدْحِ وَهُوَ السَّهْمُ قَبْلَ أَنْ يُرَاشَ (وَسَيَجِيءُ أَقْوَامٌ يُقِيمُونَهُ) : أَيْ يُصْلِحُونَ أَلْفَاظَهُ وَكَلِمَاتِهِ وَيَتَكَلَّفُونَ فِي مُرَاعَاةِ مَخَارِجِهِ وَصِفَاتِهِ (كَمَا يُقَامُ الْقِدْحُ) : أَيْ يُبَالِغُونَ فِي عَمَلِ الْقِرَاءَةِ كَمَالَ الْمُبَالَغَةِ لِأَجْلِ الرِّيَاءِ وَالسُّمْعَةِ وَالْمُبَاهَاةِ وَالشُّهْرَةِ، قَالَ الطِّيبِيُّ: وَفِي الْحَدِيثِ رَفْعُ الْحَرَجِ، وَبِنَاءُ الْأَمْرِ عَلَى الْمُسَاهَمَةِ فِي الظَّاهِرِ، وَتَحَرِّى الْحِسْبَةِ، وَالْإِخْلَاصُ فِي الْعَمَلِ، وَالتَّفْكِيرُ فِي مَعَانِي الْقُرْآنِ، وَالْغَوْصُ فِي عَجَائِبِ أَمْرِهِ، وَأَمَّا قَوْلُ ابْنِ حَجَرٍ: وَمَعَ ذَلِكَ هُمْ مَذْمُومُونَ لِأَنَّهُمْ رَاعَوْا هَذَا الْأَمْرَ السَّهْلَ، وَزَادُوا فِي الْقُبْحِ أَنَّهُمْ ضَمُّوا إِلَى هَذِهِ الْغَفْلَةِ أَنَّهُمْ يَقْرَؤُونَهُ لِأَجْلِ حُطَامِ الدُّنْيَا فَغَيْرُ مَحْمُودٍ إِذْ لَيْسَ الذَّمُّ عَلَى مُبَالَغَتِهِمْ فِي مُرَاعَاةِ الْأَمْرِ السَّهْلِ بَلِ الذَّمُّ مِنْ جِهَةِ تَرْكِ الْأَمْرِ الْمُهِمِّ (يَتَعَجَّلُونَهُ) ، أَيْ: ثَوَابَهُ فِي الدُّنْيَا (وَلَا يَتَأَجَّلُونَهُ) بِطَلَبِ الْأَجْرِ فِي الْعُقْبَى; بَلِ الذَّمُّ يُؤْثِرُونَ الْعَاجِلَةَ عَلَى الْآجِلَةِ وَيَتَوَكَّلُونَ. (رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، وَالْبَيْهَقِيُّ فِي شُعَبِ الْإِيمَانِ) .