2183 - عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ: «أَتَى رَجُلٌ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: أَقْرِئْنِي يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَقَالَ: " اقْرَأْ ثَلَاثًا مِنْ ذَوَاتِ الر " فَقَالَ: كَبُرَتْ سِنِّي وَاشْتَدَّ قَلْبِي وَغَلُظَ لِسَانِي، قَالَ: " فَاقْرَأْ ثَلَاثًا مِنْ ذَوَاتِ حم " فَقَالَ مِثْلَ مَقَالَتِهِ، قَالَ الرَّجُلُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَقْرِئْنِي سُورَةً جَامِعَةً، فَأَقْرَأَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِذَا زُلْزِلَتْ حَتَّى فَرَغَ مِنْهَا، فَقَالَ الرَّجُلُ: وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ لَا أَزِيدُ عَلَيْهِ أَبَدًا، ثُمَّ أَدْبَرَ الرَّجُلُ، فَقَالَ رَسُولُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " أَفْلَحَ الرُّوَيْجِلُ» " مَرَّتَيْنِ. رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُدَ.

ـــــــــــــــــــــــــــــ

2183 - (وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو) بِالْوَاوِ (قَالَ أَتَى رَجُلٌ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: أَقْرِئْنِي) بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَكَسْرِ الرَّاءِ، أَيْ عَلِّمْنِي (يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَقَالَ: " اقْرَأْ ثَلَاثًا، أَيْ ثَلَاثَ سُوَرٍ - مِنْ ذَوَاتِ الر) وَفِي نُسْخَةٍ: مِنْ ذَوَاتِ الرَّاءِ بِالْمَدِّ وَالْهَمْزِ، قَالَ الطِّيبِيُّ: أَيْ مِنَ السُّوَرِ الَّتِي صُدِّرَتْ بِالر " فَقَالَ: كَبُرَتْ " بِضَمِّ الْبَاءِ وَتُكْسَرُ (سِنِّي) ، أَيْ كَثُرَ عُمْرِي (وَاشْتَدَّ قَلْبِي) ، أَيْ غَلَبَ عَلَيْهِ قِلَّةُ الْحِفْظِ وَكَثْرَةُ النِّسْيَانِ (وَغَلُظَ لِسَانِي) ، أَيْ ثَقُلَ بِحَيْثُ لَمْ يُطَاوِعْنِي فِي تَعَلُّمِ الْقُرْآنِ لِأَتَعَلَّمَ السُّوَرَ الطِّوَالَ (قَالَ) ، أَيْ فَإِنْ كُنْتَ لَا تَسْتَطِيعُ قِرَاءَتَهُنَّ (فَاقْرَأْ ثَلَاثًا مِنْ ذَوَاتِ حم " فَإِنَّ أَقْصَرَ ذَوَاتِ حم أَقْصَرُ مِنْ أَقْصَرِ ذَوَاتِ الر (فَقَالَ مِثْلَ مَقَالَتِهِ) ، أَيِ الْأُولَى (قَالَ الرَّجُلُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَقْرِئْنِي سُورَةً جَامِعَةً) ، أَيْ بَيْنَ وَجَازَةِ الْمَبَانِي وَغَزَارَةِ الْمَعَانِي (فَأَقْرَأَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِذَا زُلْزِلَتْ حَتَّى فَرَغَ مِنْهَا) ، أَيِ النَّبِيُّ أَوِ الرَّجُلُ، قَالَ الطِّيبِيُّ: كَأَنَّهُ طَلَبَهُ لِمَا يَحْصُلُ بِهِ الْفَلَّاحُ إِذَا عَمِلَ بِهِ، فَلِذَلِكَ قَالَ سُورَةً جَامِعَةً، وَفِي هَذِهِ السُّورَةِ آيَةٌ زَائِدَةٌ لَا مَزِيدَ عَلَيْهَا {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ} [الزلزلة: 7] إِلَخْ، وَلِأَجْلِ هَذَا الْجَمْعِ الَّذِي لَا حَدَّ لَهُ «قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حِينَ سُئِلَ عَنِ الْحُمُرِ الْأَهْلِيَّةِ: " لَمْ يَنْزِلْ عَلَيَّ فِيهَا شَيْءٌ إِلَّا هَذِهِ الْآيَةُ الْجَامِعَةُ الْفَاذَّةُ» " {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ - وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ} [الزلزلة: 7 - 8] " " قَالَ الطِّيبِيُّ: وَبَيَانُ ذَلِكَ أَنَّهَا وَرَدَتْ لِبَيَانِ الِاسْتِقْصَاءِ فِي عَرْضِ الْأَعْمَالِ وَالْجَزَاءِ عَلَيْهَا كَقَوْلِهِ - تَعَالَى - {وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ} [الأنبياء: 47] (فَقَالَ الرَّجُلُ: وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ لَا أَزِيدُ عَلَيْهِ أَبَدًا) ، أَيْ عَلَى الْعَمَلِ بِمَا دَلَّ عَلَيْهِ مَا أَقْرَأَتَنِيهِ مِنْ فِعْلِ الْخَيْرِ وَتَرْكِ الشَّرِّ، وَلَعَلَّ الْقَصْدَ بِالْحَلِفِ تَأْكِيدُ الْعَزْمِ، وَتَأْيِيدُ الْجَزْمِ، لَا سِيَّمَا بِحُضُورِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الَّذِي بِمَنْزِلَةِ الْمُبَايَعَةِ وَالْعَهْدِ، وَظَاهِرُ الْحَدِيثِ أَنَّ مُرَادَ الرَّجُلِ بِالْخَيْرِ وَالشَّرِّ عُمُومُهَا الْجِنْسِيُّ لَا شُمُولُهُمَا الِاسْتِغْرَاقِيُّ، وَأَمَّا تَقْيِيدُ ابْنِ حَجَرٍ الْخَيْرَ بِفِعْلِ الْوَاجِبَاتِ فَقَطْ وَتَرْكِ الشَّرِّ وَهُوَ الْمُحَرَّمَاتُ فَقَطْ ثُمَّ قَوْلُهُ: وَأَمَّا النَّوَافِلُ وَالْمَكْرُوهَاتُ فَقَدْ أَتْرُكُ لِكِبَرِ سِنِّي وَأَفْعَلُ هَذِهِ لِشِدَّةِ قَلْبِي، فَالْقَصْدُ مِنَ الْحَلِفِ إِنَّمَا هُوَ فِعْلُ الْوَاجِبَاتِ وَتَرْكُ الْحَرَامِ لَا غَيْرَ فَهُوَ مُسْتَغْنًى عَنْهُ مَعَ أَنَّهُ لَا دَلَالَةَ لِلْحَدِيثِ عَلَيْهِ، قَالَ الطِّيبِيُّ: فَكَأَنَّهُ قَالَ: حَسْبِي مَا سَمِعْتُ، وَلَا أُبَالِي أَنْ لَا أَسْمَعَ غَيْرَهَا (ثُمَّ أَدْبَرَ الرَّجُلُ، أَيْ وَلَّى دُبُرَهُ وَذَهَبَ، فَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " أَفْلَحَ "، أَيْ فَازَ بِالْمَطْلُوبِ وَظَفِرَ بِالْمَحْبُوبِ " الرُّوَيْجِلُ " قَالَ الطِّيبِيُّ: تَصْغِيرُ تَعْظِيمٍ لِبُعْدِ غَوْرِهِ وَقُوَّةِ إِدْرَاكِهِ، وَهُوَ تَصْغِيرٌ شَاذٌّ إِذْ قِيَاسُهُ رُجَيْلٌ اهـ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ تَصْغِيرُ رَاجِلٍ بِالْأَلِفِ بِمَعْنَى الْمَاشِي (مَرَّتَيْنِ) إِمَّا لِلتَّأْكِيدِ أَوْ مَرَّةً لِلدُّنْيَا وَمَرَّةً لِلْأُخْرَى، وَقِيلَ: شِدَّةُ إِعْجَابِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْهُ (رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُدَ) وَقَدْ رَوَاهُ النَّسَائِيُّ وَابْنُ حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015