2165 - (الْفَصْلُ الثَّالِثُ) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " «أَعْرِبُوا الْقُرْآنَ وَاتَّبِعُوا غَرَائِبَهُ، وَغَرَائِبُهُ فَرَائِضُهُ وَحُدُودُهُ» ".

ـــــــــــــــــــــــــــــ

2165 - (الْفَصْلُ الثَّالِثُ) (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: أَعْرِبُوا) ، أَيْ أَيُّهَا الْعُلَمَاءُ (الْقُرْآنَ) ، أَيْ بَيِّنُوا مَا فِي الْقُرْآنِ مِنْ غَرَائِبِ اللُّغَةِ وَبَدَائِعِ الْإِعْرَابِ وَلَمْ يُرِدْ بِقَوْلِهِ (وَاتَّبَعُوا غَرَائِبَهُ) ، أَيْ غَرَائِبُ اللُّغَةِ فِيهِ لِئَلَّا يَلْزَمَ التَّكْرَارُ، وَالَّذِي فَسَّرَهُ بِقَوْلِهِ (وَغَرَائِبَهُ فَرَائِضَهُ وَحُدُودَهُ) وَالْمُرَادُ بِالْفَرَائِضِ الْمَأْمُورَاتُ وَبِالْحُدُودِ الْمَنْهِيَّاتُ أَوِ الْفَرَائِضُ الْمِيرَاثِيَّةِ وَالْأَحْكَامُ الشَّرْعِيَّةِ أَوْ مُطْلَقُ الْفَرَائِضِ الْقُرْآنِيَّةِ وَمَا يُطَّلَعُ عَلَيْهِ مِنَ الْحُدُودِ أَعْنِي الدَّقَائِقُ وَالرُّمُوزُ الْعِرْفَانِيَّةُ، وَحَاصِلُ الْمَعْنَى بَيِّنُوا مَا دَلَّتْ عَلَيْهِ آيَاتُهُ مِنْ غَرَائِبِ الْأَحْكَامِ وَبَدَائِعِ الْحِكَمِ وَخَوَارِقِ الْمُعْجِزَاتِ وَمَحَاسِنِ الْآدَابِ وَالْأَخْلَاقِ وَأَمَاكِنِ الْمَوَاعِظِ مِنَ الْوَعْدِ وَالْوَعِيدِ وَمَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ مِنَ التَّرْغِيبِ وَالتَّرْهِيبِ، وَأَوْضِحُوا ذَلِكَ كُلَّهُ لِلْمُتَعَلِّمِينَ لِيَعْمَلُوا بِهِ وَيَبْلُغُوا سَوَابِقَ الْخَيِّرَاتِ وَسَوَابِقَ الْكَرَمَاتِ بِسَبَبِهِ، أَوْ بَيِّنُوا إِعْرَابَ مُشْكِلِ أَلْفَاظِهِ وَعِبَارَاتِهِ وَمَحَامِلِ مُجْمِلَاتِهِ وَمَكْنُونِ إِشَارَاتِهِ وَمَا يَرْتَبِطُ بِتِلْكَ الْإِعْرَبَاتِ مِنَ الْمَعَانِي الْمُخْتَلِفَةِ بِاخْتِلَافِهَا لِأَنَّ الْمَعْنَى تَبَعٌ لِلْإِعْرَابِ كَمَا قِيلَ أَيْضًا لَكِنْ بِاعْتِبَارَيْنِ فَلَا تَنَاقُضَ بَيْنَ الْقَوْلَيْنِ، وَقَدْ قَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ لِمَنْ سَأَلَهُ عَمَّنْ يَتَعَلَّمُ عِلْمَ الْعَرَبِيَّةِ لِيُقِيمَ بِهَا قِرَاءَتَهُ: حَسَنٌ ذَلِكَ يَا ابْنَ أَخِي فَتَعَلَّمْهَا، فَإِنَّ الرَّجُلَ يَقْرَأُ الْآيَةَ فَيَعِيَ وَجْهَهَا فَيَهْلَكُ فِيهَا، وَأَوَّلُ وَاجِبٌ عَلَى مُعْرِبِ الْقُرْآنِ أَنْ يَفْهَمَ مَعْنَى مَا يُرِيدُ إِعْرَابَهُ عَلَى مَا هُوَ الْمُرَادُ مِنَ الْآيَةِ بِحَسَبِ مَا قَالَهُ أَئِمَّةُ التَّفْسِيرِ فِيهَا، فَإِنَّ الْإِعْرَابَ فَرْعُ الْمَعْنَى وَلِهَذَا امْتَنَعَ إِعْرَابُ أَوَائِلِ السُّوَرِ الْمُتَشَابِهِ الَّتِي اسْتَأْثَرَ اللَّهُ بِعِلْمِهَا عَلَى الْقَوْلِ الْأَشْهَرِ مِمَّا عَلَيْهِ الْأَكْثَرُ، قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: وَقَدْ زَلَّتْ أَقْدَامُ كَثِيرٍ مِنَ الْمُعْرِبِينَ رَاعَوْا ظَاهِرَ اللَّفْظِ دُونَ الْمَعْنَى الْمُرَادِ، وَأَوْرَدَ فِي كِتَابِهِ الْمُغْنِي أَمْثِلَةً كَثِيرَةً، مِنْ جُمْلَتِهَا مَنْ جَعَلَ قَيِّمًا صِفَةَ عِوَجًا فِي أَوَّلِ الْكَهْفِ، وَتَرَحَّمْ عَلَى حَفْصٍ حَيْثُ اخْتَارَ السَّكْتَ عَلَى عِوَجًا دَفَعًا لِفَهْمِ الْعِوَجِ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015