[كِتَابُ الزَّكَاةِ]

بَابٌ - كِتَابُ الزَّكَاةِ

(الْفَصْلُ الْأَوَّلُ)

1772 - عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَعَثَ مُعَاذًا إِلَى الْيَمَنِ فَقَالَ: " «إِنَّكَ تَأْتِي قَوْمًا أَهْلَ كِتَابٍ، فَادْعُهُمْ إِلَى شَهَادَةِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، فَإِنْ هُمْ أَطَاعُوا لِذَلِكَ فَأَعْلِمْهُمُ أَنَّ اللَّهَ قَدْ فَرَضَ عَلَيْهِمْ خَمْسَ صَلَوَاتٍ فِي الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ، فَإِنْ هُمْ أَطَاعُوا لِذَلِكَ فَأَعْلِمْهُمْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ فَرَضَ صَدَقَةً، تُؤْخَذُ مِنْ أَغْنِيَائِهِمْ فَتُرَدُّ عَلَى فُقَرَائِهِمْ، فَإِنْ هُمْ أَطَاعُوا لِذَلِكَ فَإِيَّاكَ وَكَرَائِمَ أَمْوَالِهِمْ، وَاتَّقِ دَعْوَةَ الْمَظْلُومِ، فَإِنَّهُ لَيْسَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ اللَّهِ حِجَابٌ» "، مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

ـــــــــــــــــــــــــــــ

(كِتَابُ الزَّكَاةِ)

هِيَ فِي اللُّغَةِ الطَّهَارَةُ، وَقَالَ تَعَالَى {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى} [الأعلى: 14] وَإِنَّمَا يُقَالُ زَكَى الزَّرْعُ إِذَا نَمَى، سُمِّيَ بِهَا نَفْسُ الْمَالِ الْمُخْرَجِ حَقًّا لِلَّهِ - تَعَالَى - فِي عُرْفِ الشَّارِعِ، قَالَ تَعَالَى وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَمَعْلُومٌ أَنَّ مُتَعَلِّقَ الْإِيتَاءِ هُوَ الْمَالُ، وَفِي عُرْفِ الْفُقَهَاءِ هُوَ نَفْسُ فِعْلِ الْإِيتَاءِ، لِأَنَّهُمْ يَصِفُونَهُ بِالْوُجُوبِ، وَمُتَعَلِّقُ الْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ هُوَ أَفْعَالُ الْمُكَلَّفِينَ، وَمُنَاسَبَةُ اللُّغَوِيِّ أَنَّهُ سَبَبٌ لَهُ إِذْ يَحْصُلُ بِهِ النَّمَاءُ بِالْإِخْلَافِ مِنْهُ - تَعَالَى - فِي الدَّارَيْنِ، قَالَ تَعَالَى {وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ} [سبأ: 39] وَالطَّهَارَةُ لِلنَّفْسِ مِنْ دَنَسِ الْبُخْلِ وَوَسَخِ الْمُخَالَفَةِ، وَلِلْمَالِ بِإِخْرَاجِ حَقِّ الْغَيْرِ مِنْهُ إِلَى مُسْتَحِقِّهِ أَعْنِي الْفُقَرَاءَ، ثُمَّ هِيَ فَرِيضَةٌ مُحْكَمَةٌ وَسَبَبُهَا الْمَالُ الْمَخْصُوصُ، أَعْنِي النِّصَابَ النَّامِيَ تَحْقِيقًا، أَوْ تَقْدِيرًا، وَلِذَا تُضَافُ إِلَيْهِ، وَيُقَالُ زَكَاةُ الْمَالِ، وَشَرْطُهَا الْإِسْلَامُ وَالْحُرِّيَّةُ وَالْبُلُوغُ وَالْعَقْلُ وَالْفَرَاغُ مِنَ الدَّيْنِ، ثُمَّ قِيلَ: فُرِضَتْ زَكَاةُ الْفِطْرِ مَعَ فَرْضِ الصَّوْمِ فِي السَّنَةِ الثَّانِيَةِ مِنَ الْهِجْرَةِ، وَفُرِضَ غَيْرُهَا بَعْدَ ذَلِكَ فِي تِلْكَ السَّنَةِ، وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّ الزَّكَاةَ فُرِضَتْ بِمَكَّةَ إِجْمَالًا، وَبُيِّنَتْ بِالْمَدِينَةِ تَفْصِيلًا جَمْعًا بَيْنَ الْآيَاتِ الَّتِي تَدُلُّ عَلَى فَرْضِيَّتِهَا بِمَكَّةَ، وَغَيْرِهَا مِنَ الْآيَاتِ وَالْأَدِلَّةِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015