1546 - وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " «الشُّهَدَاءُ خَمْسَةٌ: الْمَطْعُونُ، وَالْمَبْطُونُ، وَالْغَرِيقُ، وَصَاحِبُ الْهَدْمِ، وَالشَّهِيدُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ» ". مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

ـــــــــــــــــــــــــــــ

1546 - (وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " الشُّهَدَاءُ) أَيْ: فِي الْجُمْلَةِ. (خَمْسَةٌ) : وَهُوَ جَمْعُ شَهِيدٍ بِمَعْنَى فَاعِلٍ ; لِأَنَّهُ يَشْهَدُ مَقَامَهُ قَبْل مَوْتِهِ، أَوْ بِمَعْنَى مَفْعُولٍ ; لِأَنَّ الْمَلَائِكَةَ تَشْهَدُهُ أَيْ: تَحْضُرُهُ مُبَشِّرَةً لَهُ. (الْمَطْعُونُ) أَيِ: الَّذِي ضَرَبَهُ الطَّاعُونُ وَمَاتَ بِهِ. (وَالْمَبْطُونُ) أَيِ: الَّذِي يَمُوتُ بِمَرَضِ الْبَطْنِ كَالِاسْتِسْقَاءِ وَنَحْوِهِ، وَقِيلَ: مَنْ مَاتَ بِوَجَعِ الْبَطْنِ. قَالَ الْقُرْطُبِيُّ: اخْتُلِفَ هَلِ الْمُرَادُ بِالْبَطْنِ الِاسْتِسْقَاءُ أَوِ الْإِسْهَالُ؟ عَلَى قَوْلَيْنِ لِلْعُلَمَاءِ. (وَالْغَرِيقُ) أَيِ: الَّذِي يَمُوتُ مِنَ الْغَرَقِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ مُقَيَّدٌ. مِمَّنْ رَكِبَ الْبَحْرَ رُكُوبًا غَيْرَ مُحَرَّمٍ. (وَصَاحِبُ الْهَدَمِ) بِفَتْحِ الدَّالِ وَتُسَكَّنُ، قَالَ الطِّيبِيُّ: الْهَدَمُ مَا يُهْدَمُ بِهِ مِنْ جَوَانِبِ الْبِئْرِ فَيَسْقُطُ فِيهِ، وَقَالَ ابْنُ الْمَلَكِ: أَيِ: الَّذِي يَمُوتُ تَحْتَ الْهَدَمِ وَهُوَ بِفَتْحِ الدَّالِ مَا يُهْدَمُ بِهِ، وَقَالَ فِي النِّهَايَةِ: الْهَدَمُ بِالتَّحْرِيكِ الْبِنَاءُ الْمَهْدُومُ فَعَلٌ بِمَعْنَى الْمَفْعُولِ، وَبِالسُّكُونِ الْفِعْلُ نَفْسُهُ، وَأَمَّا قَوْلُ ابْنِ حَجَرٍ: بِسُكُونِ الدَّالِ وَيُفْتَحُ، لَكِنَّهُ حِينَئِذٍ يَكُونُ اسْمًا لِلْمَهْدُومِ، وَيَصِحُّ إِرَادَتُهُ هُنَا إِلَّا أَنَّهُ مُوهِمٌ فَهُوَ مُعَارَضٌ بِأَنَّ الْفَتْحَ أَكْثَرُ وَهْمًا، بَلْ فِي التَّحْقِيقِ لَا يَصِحُّ إِرَادَةُ الْمَعْنَى الْمَصْدَرِيِّ ; وَلِذَا اخْتَارَ الشُّرَّاحُ الْفَتْحَ. (وَالشَّهِيدُ) أَيِ: الْمَقْتُولُ. (فِي سَبِيلِ اللَّهِ) : قَالَ الرَّاغِبُ: سُمِّيَ شَهِيدًا لِحُضُورِ الْمَلَائِكَةِ عِنْدَهُ، إِشَارَةً إِلَى قَوْلِهِ تَعَالَى: {تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا} [فصلت: 30] ، أَوْ لِأَنَّهُمْ يَشْهَدُونَ هَذِهِ الْحَالَةَ مَا أَعَدَّ لَهُمْ، أَوْ لِأَنَّهُمْ تَشْهَدُ أَرْوَاحُهُمْ عِنْدَ اللَّهِ. قَالَ ابْنُ الْمَلَكِ: وَإِنَّمَا أَخَّرَهُ لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ التَّرَقِّي مِنَ الشَّهِيدِ الْحُكْمِيِّ إِلَى الْحَقِيقِيِّ.

وَاعْلَمْ أَنَّ الشُّهَدَاءَ الْحُكْمِيَّةَ كَثِيرَةٌ، وَرَدَتْ فِي أَحَادِيثَ شَهِيرَةٍ، جَمَعَهَا السُّيُوطِيُّ فِي كُرَّاسَةٍ سَمَّاهَا: (أَبْوَابُ السَّعَادَةِ فِي أَسْبَابِ الشَّهَادَةِ) مِنْهَا: مَا ذُكِرَ، وَمِنْهَا: صَاحِبُ ذَاتِ الْجَنْبِ، وَالْحَرِيقُ، وَالْمَرْأَةُ تَمُوتُ بِجُمْعٍ أَيْ: فِي بَطْنِهَا وَلَدٌ، وَقِيلَ: تَمُوتُ بِكْرًا، وَمِنْهَا: الْمَرْأَةُ فِي حَمْلِهَا إِلَى وَضْعِهَا إِلَى فِصَالِهَا، وَمِنْهَا: صَاحِبُ السُّلِّ أَيِ: الدَّقُّ، وَالْغَرِيبُ، وَالْمُسَافِرُ، وَالْمَصْرُوعُ عَنْ دَابَّتِهِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَالْمُرَابِطُ، وَالْمُتَرَدِّي، وَمَنْ تَأْكُلُهُ السِّبَاعُ، وَمَنْ قُتِلَ دُونَ مَالِهِ وَأَهْلِهِ، أَوْ دِينِهِ، أَوْ دَمِهِ، أَوْ مَظْلَمَتِهِ. وَمِنْهَا: الْمَيِّتُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَالْمَرْعُوبُ عَلَى فِرَاشِهِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ.

وَعَنْ عَلِيَّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: مَنْ حَبَسَهُ السُّلْطَانُ ظُلْمًا فَمَاتَ فِي السَّجْنِ فَهُوَ شَهِيدٌ، وَمَنْ ضُرِبَ فَمَاتَ فِي الضِّرْسِ فَهُوَ شَهِيدٌ، وَكُلُّ مُؤْمِنٍ يَمُوتُ فَهُوَ شَهِيدٌ. وَعَنْ أَنَسٍ مَرْفُوعًا: " «الْحُمَّى شَهَادَةٌ» ".

وَعَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ الْجَرَّاحِ قَالَ: «قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَيُّ الشُّهَدَاءِ أَكْرَمُ عَلَى اللَّهِ؟ قَالَ: " رَجُلٌ قَامَ إِلَى إِمَامٍ جَائِرٍ فَأَمَرَهُ بِمَعْرُوفٍ وَنَهَاهُ عَنْ مُنْكَرٍ فَقَتَلَهُ» ". وَعَنْ أَبِي مُوسَى: مَنْ وَقَصَهُ فَرَسُهُ أَوْ بَعِيرُهُ، أَوْ لَدْغَتْهُ هَامَّةٌ فَهُوَ شَهِيدٌ. وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: مَنْ عَشِقَ فَعَفَّ، فَكَتَمَ فَمَاتَ، فَهُوَ شَهِيدٌ. وَعَنْهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «الْمَائِدُ فِي الْبَحْرِ الَّذِي يُصِيبُهُ الْقَيْءُ لَهُ أَجْرُ شَهِيدٍ» ". وَعَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ مَرْفُوعًا: " «إِنَّ اللَّهَ كَتَبَ الْغَيْرَةَ عَلَى النِّسَاءِ، وَالْجِهَادَ عَلَى الرِّجَالِ، فَمَنْ صَبَرَ مِنْهُنَّ كَانَ لَهَا أَجْرُ شَهِيدٍ» ". وَعَنْ عَائِشَةَ مَرْفُوعًا: " «مَنْ قَالَ فِي كُلِّ يَوْمٍ خَمْسًا وَعِشْرِينَ مَرَّةً: اللَّهُمَّ بَارِكْ فِي الْمَوْتِ وَفِيمَا بَعْدَ الْمَوْتِ، ثُمَّ مَاتَ عَلَى فِرَاشِهِ أَعْطَاهُ اللَّهُ أَجْرَ شَهِيدٍ» . " وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ مَرْفُوعًا: " «مَنْ صَلَّى الضُّحَى، وَصَامَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ مِنَ الشَّهْرِ، وَلَمْ يَتْرُكِ الْوَتْرَ فِي حَضَرٍ وَلَا سَفَرٍ، كُتِبَ لَهُ أَجْرُ شَهِيدٍ» " وَمِنْهَا: التَّمَسُّكُ بِالسُّنَّةِ عِنْدَ فَسَادِ الْأُمَّةِ. وَمِنْهَا: مَنْ مَاتَ فِي طَلَبِ الْعِلْمِ، وَالْمُؤَذِّنُ الْمُحْتَسِبُ، وَمَنْ عَاشَ مُدَارِيًّا وَمَنْ جَلَبَ طَعَامًا إِلَى الْمُسْلِمِينَ، وَمَنْ سَعَى عَلَى امْرَأَتِهِ، وَوَلَدِهِ، وَمَا مَلَكَتْ يَمِينُهُ، وَغَيْرُ ذَلِكَ مِمَّا يَطُولُ ذِكْرُهُ، فَكُلُّ مَنْ كَثُرَ أَسْبَابُ شَهَادَتِهِ زِيدَ لَهُ فِي فَتْحِ أَبْوَابِ سَعَادَتِهِ. (مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ) : وَرَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، وَالنَّسَائِيُّ، قَالَهُ مِيرَكُ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015