1538 - وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: «دَخَلْتُ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ يُوعَكُ، فَمَسِسْتُهُ بِيَدِي فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّكَ لَتُوعَكُ وَعْكًا شَدِيدًا. فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " أَجَلْ، إِنِّي أُوعَكُ كَمَا يُوعَكُ رَجُلَانِ مِنْكُمْ ". قَالَ: فَقُلْتُ: ذَلِكَ لِأَنَّ لَكَ أَجْرَيْنِ؟ فَقَالَ: " أَجَلْ ". ثُمَّ قَالَ: " مَا مِنْ مُسْلِمٍ يُصِيبُهُ أَذًى مِنْ مَرَضٍ فَمَا سِوَاهُ، إِلَّا حَطَّ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ سَيِّئَاتِهِ، كَمَا تَحُطُّ الشَّجَرَةُ وَرَقَهَا» " مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

ـــــــــــــــــــــــــــــ

1538 - ( «وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ يُوعَكُ» ) : الْوَعَكُ: حَرَارَةُ الْحُمَّى وَأَلَمُهَا، وَقَدْ وَعَكَهُ الْمَرَضُ وَعْكًا، وَوَعْكَةً فَهُوَ مَوْعُوكٌ أَيِ: اشْتَدَّ بِهِ. (فَمَسِسْتُهُ بِيَدِي) : صِحَاحٌ: مَسِسْتُ الشَّيْءَ بِالْكَسْرِ أَمَسِّهُ هِيَ اللُّغَةُ الْفَصِيحَةُ، وَحَكَى أَبُو عُبَيْدٍ: مَسَسْتُ بِالْفَتْحِ أَمَسُّهُ بِالضَّمِّ. ( «فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّكَ لَتُوعَكُ وَعْكًا» ) : بِسُكُونِ الْعَيْنِ. (شَدِيدًا) : وَهُوَ بَيَانٌ لِلْوَاقِعِ، وَأَمَّا قَوْلُ ابْنَ حَجَرٍ: كَأَنَّهُ إِنَّمَا ذَكَرَ ذَلِكَ لِيَعْلَمَ جَوَابَ مَا انْقَدَحَ عِنْدَهُ مِنْ أَنَّ الْبَلَايَا سَبَبٌ لِتَكْفِيرِ الذُّنُوبِ، وَهُوَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَا ذَنْبَ لَهُ فَغَيْرُ مُطَابِقٍ لِقَوْلِ الرَّاوِي. فَقُلْتُ: لِأَنَّ لَكَ أَجْرَيْنِ وَمُعَارِضٌ لِكَلَامِ نَفْسِهِ هُنَاكَ أَنَّهُ جَوَابٌ لِمَا انْقَدَحَ عِنْدَهُ، بِأَنَّ الْمَصَائِبَ قَدْ تَكُونُ لِمُجَرَّدِ رَفْعِ الدَّرَجَاتِ، وَمَعَ هَذَا غَيْرُ مُطَابِقٍ لِجَوَابِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - أَيْضًا كَمَا قَالَ الرَّاوِي. - فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " أَجَلْ) أَيْ: نَعَمْ، فَإِنَّهُ تَقْرِيرٌ لِقَوْلِ الرَّاوِي: وَعْكًا شَدِيدًا مَعَ زِيَادَةِ تَحْرِيرٍ بِقَوْلِهِ: (إِنِّي أُوعَكُ) : عَلَى بِنَاءِ الْمَجْهُولِ أَيْ: يَأْخُذُنِي الْوَعْكُ. (كَمَا يُوعَكُ رَجُلَانِ) : يَعْنِي مِثْلَ أَلَمِ وَعْكِ رَجُلَيْنِ. (مِنْكُمْ " قَالَ) أَيْ: عَبْدُ اللَّهِ. (فَقُلْتُ: ذَلِكَ) أَيْ: وَعَكُ رَجُلَيْنِ (لِأَنَّ لَكَ أَجْرَيْنِ؟) : يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِالتَّثْنِيَةِ التَّكْثِيرَ. (فَقَالَ: " أَجَلْ) أَيْ: نَعَمْ. (ثُمَّ قَالَ) أَيْ: - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ( «مَا مِنْ مُسْلِمٍ يُصِبْهُ أَذًى» ) أَيْ: مَا يُؤْذِيهِ وَيُتْعِبُهُ. (مِنْ مَرَضٍ فَمَا سِوَاهُ) أَيْ: فَمَا دُونَهُ أَوْ غَيْرُهُ مِمَّا تَتَأَذَّى بِهِ النَّفْسُ. ( «إِلَّا حَطَّ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ سَيِّئَاتِهِ كَمَا تَحُطُّ الشَّجَرَةُ وَرَقَهَا» ) قَالَ الطِّيبِيُّ: شَبَّهَ حَالَ الْمَرِيضِ وَإِصَابَةَ الْمَرَضِ جَسَدَهُ، ثُمَّ مَحْوَ السَّيِّئَاتِ عَنْهُ سَرِيعًا بِحَالَةِ الشَّجَرَةِ وَهُبُوبِ الرِّيَاحِ الْخَرِيفِيَّةِ، وَتَنَاثُرِ الْأَوْرَاقِ مِنْهَا، فَهُوَ تَشْبِيهٌ تَمْثِيلِيٌّ، وَوَجْهُ الشَّبَهِ الْإِزَالَةُ الْكُلِّيَّةُ عَلَى سَبِيلِ السُّرْعَةِ. قَالَ ابْنُ الْمَلَكِ: وَفِيهِ إِشَارَةٌ عَظِيمَةٌ ; لِأَنَّ كُلَّ مُسْلِمٍ لَا يَخْلُو عَنْ كَوْنِهِ مُتَأَذِّيًا. (مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ) قَالَ مِيرَكُ: وَرَوَاهُ النَّسَائِيُّ.

وَأَخْرَجَ ابْنُ سَعْدٍ فِي الطَّبَقَاتِ، وَالْبُخَارِيُّ فِي الْأَدَبِ، وَابْنُ مَاجَهْ، وَالْحَاكِمُ، وَصَحَّحَهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي شُعَبِ الْإِيمَانِ، عَنْ أَبِي سَعْدٍ قَالَ: «دَخَلْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ مَحْمُومٌ، فَوَضَعْتُ يَدَيَّ مِنْ فَوْقِ الْقَطِيفَةِ فَوَجَدْتُ حَرَارَةَ الْحُمَّى فَوْقَ الْقَطِيفَةِ. فَقُلْتُ: مَا أَشَدَّ حُمَّاكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ! قَالَ: " إِنَّا كَذَلِكَ مَعْشَرَ الْأَنْبيَاءِ يُضَاعَفُ عَلَيْنَا الْوَجَعُ لِيُضَاعَفَ لَنَا الْأَجْرُ ". قُلْتُ أَيُّ النَّاسِ أَشَدُّ بَلَاءً؟ قَالَ: " الْأَنْبِيَاءُ، ثُمَّ الصَّالِحُونَ وَإِنْ كَانَ الرَّجُلُ» . " وَفِي رِوَايَةٍ: " «النَّبِيُّ لِيُبْتَلَى بِالْفَقْرِ حَتَّى مَا يَجِدُ إِلَّا الْعَبَاءَةَ فَيَجُوبُهَا فَيَلْبَسُهَا، وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمْ لَيُبْتَلَى بِالْقَمْلِ حَتَّى يَقْتُلَهُ الْقَمْلُ، وَكَانَ ذَلِكَ أَحَبَّ إِلَيْهِمْ مِنَ الْعَطَايَا إِلَيْكُمْ»

".

طور بواسطة نورين ميديا © 2015