الْخُطْبَةِ: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ} [النحل: 90] فَهَذِهِ هِيَ الْبِدْعَةُ الْحَسَنَةُ، بَلِ السُّنَّةُ الْمُسْتَحْسَنَةُ، كَمَا قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: مَا رَآهُ الْمُسْلِمُونَ حَسَنًا فَهُوَ عِنْدُ اللَّهِ حَسَنٌ. وَالْمُرَادُ بِالْمُسْلِمِينَ زُبْدَتُهُمْ وَعُمْدَتُهُمْ، وَهُمُ الْعُلَمَاءُ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، الْأَتْقِيَاءُ عَنِ الْحَرَامِ وَالشُّبْهَةِ، جَعَلَنَا اللَّهُ مِنْهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ.
ثُمَّ وَجْهُ مُنَاسَبَةِ هَذَا الْحَدِيثِ لِعُنْوَانِ الْبَابُ أَنَّهُ يُفْهَمُ مِنْهُ الْحَثُّ عَلَى التَّبْكِيرِ، حَتَّى لَا تُفُوتَهُ سُنَّةُ الْجُمُعَةِ، أَوْ تَحِيَّةُ الْمَسْجِدِ، أَوْ لَا يَحْتَاجَ إِلَى قَوْلِهِ: (أَفْسِحُوا) ، وَأَمَّا مَا ذَكَرَهُ ابْنُ حَجَرٍ مِنْ أَنَّ وَجْهَ مُنَاسَبَتِهِ أَنَّهُ رُبَّمَا احْتَاجَ إِلَى الْكَلَامِ حَالَةَ الْخُطْبَةِ، فَبَيَّنَ لَهُ حُكْمَهُ، فَفِي غَايَةِ الْبُعْدِ إِذْ يَسْتَوِي فِي هَذَا الْحُكْمِ الْمُبَكِّرُ وَغَيْرُهُ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.