قُوَّةِ الْمَرَضِ وَضَعْفِ الْبَدَنِ (حَتَّى يَأْتِيَ الصَّلَاةَ، وَقَالَ) أَيْ: ابْنُ مَسْعُودٍ (إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَّمَنَا سُنَنَ الْهُدَى) : بِضَمِّ السِّينِ، وَيُرْوَى بِفَتْحِهَا، وَالْمَعْنَى مُتَقَارِبٌ، أَيْ: طَرِيقُ الْهُدَى وَالصَّوَابِ قَالَهُ الطِّيبِيُّ. (وَإِنَّ مِنْ سُنَنِ الْهُدَى الصَّلَاةَ) أَيْ: بِالْجَمَاعَةِ كَمَا هُوَ صَرِيحُ السِّيَاقِ (فِي الْمَسْجِدِ الَّذِي يُؤَذَّنُ فِيهِ) : لِأَنَّهُ لَا يُؤَذَّنُ إِلَّا لِإِمَامٍ فِيهِ، قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: كِلَاهُمَا قَيْدٌ غَالِبِيٌّ، أَوْ شَرْطٌ لِلْأَكْمَلِ لِسُقُوطِ طَلَبِ الْجَمَاعَةِ يَفْعَلُهَا فِي غَيْرِ الْمَسْجِدِ مِنَ الْمَدَارِسِ وَغَيْرِهَا، وَفِي غَيْرِ الْمَسْجِدِ الَّذِي يُؤَذَّنُ فِيهِ اهـ.
وَقَوْلُهُ: فِي غَيْرِ الْمَسْجِدِ مِنَ الْمَدَارِسِ فِيهِ نَظَرٌ، حَتَّى عَلَى الْقَوْلِ بِالْكِفَايَةِ فِي مَذْهَبِهِ. (وَفِي رِوَايَةٍ قَالَ) أَيْ: ابْنُ مَسْعُودٍ (مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَلْقَى اللَّهَ غَدًا مُسْلِمًا ;) أَيْ: كَامِلًا (فَلْيُحَافِظْ عَلَى هَذِهِ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ) أَيْ: مَعَ الْجَمَاعَةِ (حَيْثُ يُنَادَى بِهِنَّ) : مِنَ الْمَسَاجِدِ، وَيُوجَدُ لَهُنَّ إِمَامٌ مُعَيَّنٌ، أَوْ غَيْرُ مُعَيَّنٍ، (وَإِنَّ اللَّهَ شَرَعَ لِنَبِيِّكُمْ سُنَنَ الْهُدَى، وَإِنَّهُنَّ) أَيِ: الصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ بِالْجَمَاعَةِ (مِنْ سُنَنِ الْهُدَى) : بَلْ هِيَ مِنْ أَفْضَلِ الْعِبَادَاتِ لِلْخَبَرِ الصَّحِيحِ: " «الصَّلَاةُ خَيْرُ مَوْضُوعٍ» ". (وَلَوْ أَنَّكُمْ صَلَّيْتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ) : يَعْنِي: وَلَوْ جَمَاعَةً (كَمَا يُصَلِّي هَذَا الْمُتَخَلِّفُ) قَالَ الطِّيبِيُّ: تَحْقِيرٌ لِلْمُتَخَلِّفِ وَتَبْعِيدٌ مِنْ مَظَانِّ الزُّلْفَى (فِي بَيْتِهِ لَتَرَكْتُمْ سُنَّةَ نَبِيِّكُمْ) وَفِي نُسْخَةٍ: سُنَنَ نَبِيِّكُمْ (وَلَوْ تَرَكْتُمْ سُنَّةَ نَبِيِّكُمْ لَضَلَلْتُمْ) : قَالَ الطِّيبِيُّ: يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالسُّنَّةِ الْعَزِيمَةُ، قَالَ ابْنُ الْهُمَامِ: وَتَسْمِيَتُهَا سُنَّةٌ عَلَى مَا فِي حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ، لَا حُجَّةَ فِيهِ لِلْقَائِلِينَ بِالسُّنِّيَّةِ ; إِذْ لَا تُنَافِي الْوُجُوبَ فِي خُصُوصِ ذَلِكَ الْإِطْلَاقِ ; لِأَنَّ سُنَنَ الْهُدَى أَعَمُّ مِنَ الْوَاجِبِ لُغَةً كَصَلَاةِ الْعِيدِ، وَقَوْلُهُ: لَضَلَلْتُمْ يُعْطِي الْوُجُوبَ ظَاهِرًا، وَفِي رِوَايَةٍ لِأَبِي دَاوُدَ عَنْهُ: لَكَفَرْتُمْ. وَقَدْ رُوِيَ مَرْفُوعًا عَنْهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ قَالَ: " «الْجَفَاءُ كُلُّ الْجَفَاءِ الْكُفْرُ، وَالنِّفَاقُ مَنْ سَمِعَ مُنَادِيَ اللَّهِ يُنَادِي إِلَى الصَّلَاةِ فَلَا يُجِيبُهُ» ". رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَالطَّبَرَانِيُّ، فَيُفِيدُ الْوَعِيدُ مِنْهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ عَلَى تَرْكِ الْجَمَاعَةِ فِي الْمَسْجِدِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهُ إِنَّمَا يُقَالُ لِهَذَا الْوَاجِبِ سُنَّةٌ لِكَوْنِهِ ثَبَتَ بِالسُّنَّةِ أَيِ الْحَدِيثِ، قَالَ ابْنُ الْهُمَامِ: غَيْرَ أَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ يُفِيدُ تَعْلِيقَ الْوُجُوبِ بِسَمَاعِ النِّدَاءِ، وَيَتَوَقَّفُ الْوَعِيدُ فِي حَدِيثِ التَّحْرِيقِ عَلَى كَوْنِهِ لِتَرْكِ الْحُضُورِ دَائِمًا كَمَا هُوَ ظَاهِرُ قَوْلِهِ " لَا يَشْهَدُونَ الصَّلَاةَ " وَقَوْلِهِ الْآخَرِ: يُصَلُّونَ فِي بُيُوتِهِمْ لَيْسَتْ بِهِمْ عِلَّةٌ، كَمَا يُعْطِهِ ظَاهِرُ إِسْنَادِهِ بِالْمُضَارِعِ فِي مِثْلِهِ نَحْوَ: بَنُو فُلَانٍ يَأْكُلُونَ الْبُرَّ، أَيْ: عَادَتُهُمْ. (وَمَا مِنْ رَجُلٍ يَتَطَهَّرُ) : بِوُضُوءٍ أَوْ غُسْلٍ (فَيُحْسِنُ الطُّهُورَ) : بِضَمِّ الطَّاءِ، أَيْ: يَأْتِي بِوَاجِبَاتِهِ وَمُكَمِّلَاتِهِ. (ثُمَّ يَعْمِدُ) : بِكَسْرِ الْمِيمِ، أَيْ يَتَوَجَّهُ وَيَقْصِدُ (إِلَى مَسْجِدٍ) وَفِي نُسْخَةٍ: الْمَسْجِدِ (مِنْ هَذِهِ الْمَسَاجِدِ) أَيْ: مَسَاجِدِ الْمُسْلِمِينَ (إِلَّا كَتَبَ اللَّهُ لَهُ بِكُلِّ خُطْوَةٍ) : بِفَتْحِ الْخَاءِ أَوْ ضَمِّهَا (يَخْطُوهَا حَسَنَةً، وَيَرْفَعُهُ بِهَا دَرَجَةً) : وَفِي نُسْخَةٍ صَحِيحَةٍ: وَرَفَعَهُ، وَهُوَ أَنْسَبُ بِالسَّابِقِ وَاللَّاحِقِ (وَحَطَّ) أَيْ: وَضَعَ وَمَحَا (عَنْهُ بِهَا سَيِّئَةً، وَلَقَدْ رَأَيْتُنَا) أَيْ: نَحْنُ مُعَاشِرَ الصَّحَابَةِ أَوْ جَمَاعَةَ الْمُسْلِمِينَ (وَمَا يَتَخَلَّفُ عَنْهَا) أَيْ: عَنْ صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ فِي الْمَسْجِدِ (إِلَّا مُنَافِقٌ مَعْلُومُ النِّفَاقِ) أَيْ: ظَاهِرُهُ (وَلَقَدْ كَانَ الرَّجُلُ) أَيِ: الْمَرِيضُ (يُؤْتَى بِهِ) : إِلَى الصَّلَاةِ (يُهَادَى) : بِصِيغَةِ الْمَجْهُولِ، أَيْ: يَمْشِي وَيَتَمَايَلُ (بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ) : مُعْتَمِدًا عَلَيْهِمَا مِنْ ضَعْفِهِ وَتَمَايُلِهِ، مِنْ تَهَادَتِ الْمَرْأَةُ فِي مِشْيَتِهَا: إِذَا تَمَايَلَتْ (حَتَّى يُقَامَ فِي الصَّفِّ. رَوَاهُ مُسْلِمٌ) : قَالَ مِيرَكُ: وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، وَالنَّسَائِيُّ، وَابْنُ مَاجَهْ.