وَسَطِهِ، فَالْمُرَادُ بِهَا الطَّرِيقُ الَّذِي يَقْرَعُهُ النَّاسُ وَالدَّوَابُّ بِأَرْجُلِهِمْ، لِاشْتِغَالِ الْقَلْبِ بِالْخَلْقِ عَنِ الْحَقِّ، وَلِذَا شَرَطَ بَعْضُهُمْ أَنْ يَكُونَ فِي الْعُمْرَانِ لَا الْبَرِّيَّةُ، (وَفِي الْحَمَّامِ) : لِأَنَّهُ مَحَلُّ النَّجَاسَةِ وَمَأْوَى الشَّيْطَانِ، وَهُوَ مَأْخُوذٌ مِنَ الْحَمِيمِ، وَهُوَ الْمَاءُ الْحَارُّ، وَمِنْهُ مَسْلَخَةٌ، وَهُوَ مَحَلٌّ سَلْخِ الثِّيَابِ، أَيْ: نَزْعِهَا، وَالتَّعْلِيلُ بِأَنَّ دُخُولَ النَّاسِ يَشْغَلُهُ وَهُوَ غَيْرُ مُطَّرِدٍ فَلَا يُنْظَرُ إِلَيْهِ، كَذَا ذَكَرَهُ ابْنُ حَجَرٍ، وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ الِاعْتِبَارُ لِلْأَغْلَبِ، (وَفِي مَعَاطِنِ الْإِبِلِ) : جَمْعُ عَطَنٍ وَهُوَ مَبْرَكُ الْإِبِلِ حَوْلَ الْمَاءِ قَالَهُ الطِّيبِيُّ، وَقَالَ ابْنُ الْمَلَكِ: جَمْعُ مَعْطِنٍ بِكَسْرِ الطَّاءِ، وَهُوَ الْمَوْضِعُ الَّذِي تَبْرُكُ فِيهِ الْإِبِلُ عِنْدَ الرُّجُوعِ عَنِ الْمَاءِ، وَيُسْتَعْمَلُ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي تَكُونُ فِيهِ الْإِبِلُ بِاللَّيْلِ) ، أَيْضًا، وَيُؤَيِّدُهُ خَبَرُ مُسْلِمٍ: نُهِيَ عَنِ الصَّلَاةِ فِي مَبَارِكِ الْإِبِلِ وَقَالَ: لِأَنَّ هَذِهِ الْمَوَاضِعَ مَحَالُّ النَّجَاسَةِ، فَإِنْ صَلَّى فِيهَا بِغَيْرِ السَّجَّادَةِ بَطَلَتْ، وَمَعَ السَّجَّادَةِ تُكْرَهُ لِلرَّائِحَةِ الْكَرِيهَةِ اهـ.
وَهَذَا إِذَا لَمْ تَكُنِ الْإِبِلُ فِيهَا، وَأَمَّا إِذَا كَانَتْ فَسَيَأْتِي أَنَّ الصَّلَاةَ مَكْرُوهَةٌ حِينَئِذٍ مُطْلَقًا لِشِدَّةِ نِفَارِهَا، (وَفَوْقَ ظَهْرِ بَيْتِ اللَّهِ) : إِذْ نَفْسُ الِارْتِفَاعِ إِلَى سَطْحِ الْكَعْبَةِ مَكْرُوهٌ لِاسْتِعْلَائِهِ عَلَيْهِ الْمُنَافِي لِلْأَدَبِ، قَالَ ابْنُ الْمَلَكِ: وَإِنَّمَا ذُكِرَ الظَّهْرُ مَعَ الْفَوْقِ إِذْ لَا تُكْرَهُ الصَّلَاةُ عَلَى مَوْضِعٍ هُوَ فَوْقَ الْبَيْتِ كَجَبَلِ أَبِي قُبَيْسٍ، وَذِكْرُ " فَوْقَ " ; لِأَنَّ الْحِيطَانَ كُلَّهَا ظَهَرُ الْبَيْتِ، وَقَالَ الطِّيبِيُّ: اخْتُلِفَ فِي أَنَّ النَّهْيَ الْوَارِدَ عَنِ الصَّلَاةِ فِي الْمَوَاطِنِ السَّبْعَةِ لِلتَّحْرِيمِ أَوِ التَّنْزِيهِ، وَالْقَائِلُونَ بِالتَّحْرِيمِ اخْتَلَفُوا فِي الصِّحَّةِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ النَّهْيَ يَدُلُّ عَلَى الْفَسَادِ، وَفِيهِ أَرْبَعَةُ مَذَاهِبَ: يَدُلُّ مُطْلَقًا، لَا يَدُلُّ مُطْلَقًا، يَدُلُّ فِي الْعِبَادَاتِ دُونَ الْمُعَامَلَاتِ، يَدُلُّ إِذَا كَانَ مُتَعَلِّقُ النَّهْيِ نَفْسَ الْفِعْلِ، أَوْ مَا يَكُونُ لَازِمًا كَصَوْمِ يَوْمِ الْعِيدِ، وَالصَّلَاةِ فِي الْأَوْقَاتِ الْمَكْرُوهَةِ، وَبَيْعِ الرِّبَا، وَلَا يَدُلُّ إِذَا لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ، كَالصَّلَاةِ فِي الدَّارِ الْمَغْصُوبَةِ، وَالْوَادِي وَأَعْطَانِ الْإِبِلِ وَالْبَيْعِ وَقْتَ النِّدَاءِ، (رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ) : وَقَالَ: إِسْنَادُهُ لَيْسَ بِذَاكَ الْقَوِيِّ، نَقَلَهُ مِيرَكُ، (وَابْنُ مَاجَهْ) : قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: وَسَنَدَهُ حَسَنٌ.