وَفِيهِ أَنَّهُ إِنْ كَانَ الْمُرَادُ بِالْأَجْرِ كَمَالَهُ فَالْأَمْرُ كَذَلِكَ، وَإِلَّا فَلَا يَتَوَقَّفُ أَجْرُ امْتِثَالِ طَاعَةٍ أَوِ اجْتِنَابِ مَعْصِيَةٍ عَلَى الْآخَرِ، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ الْمَذْهَبُ الصَّحِيحُ أَنَّ التَّوْبَةَ عَنْ بَعْضِ الذُّنُوبِ صَحِيحَةٌ خِلَافًا لِلْخَوَارِجِ. (وَمَنْ أَصَابَ مِنْ ذَلِكَ) أَيِ الْمَذْكُورِ (شَيْئًا فَعُوقِبَ) أَيْ (بِهِ) كَمَا فِي نُسْخَةٍ صَحِيحَةٍ، يَعْنِي أُقِيمَ عَلَيْهِ الْحَدُّ (فِي الدُّنْيَا فَهُوَ) أَيِ الْحَدُّ وَالْعِقَابُ (كَفَّارَةٌ لَهُ) وَزَادَ فِي نُسْخَةٍ، وَطَهُورٌ - بِفَتْحِ الطَّاءِ - أَيْ يُكَفِّرُ إِثْمَ ذَلِكَ، وَلَمْ يُعَاقَبْ بِهِ فِي الْآخِرَةِ، وَهَذَا الْخَاصُّ بِغَيْرِ الشِّرْكِ، وَأَخَذَ أَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ مِنْ هَذَا أَنَّ الْحُدُودَ كَفَّارَاتٌ، وَخَبَرُ: " «لَا أَدْرِي الْحُدُودُ كَفَّارَاتٌ أَمْ لَا» " أَجَابُوا عَنْهُ بِأَنَّهُ قَبْلَ هَذَا الْحَدِيثِ؛ لِأَنَّهُ فِيهِ نَفْيُ الْعِلْمِ، وَفِي هَذَا إِثْبَاتُهُ، وَالْمَعْنَى: لَا يُعَاقَبُ عَلَيْهِ فِي الْآخِرَةِ بَلْ عَلَى عَدَمِ التَّوْبَةِ مِنْهُ إِنْ مَاتَ قَبْلَهَا؛ لِأَنَّ تَرْكَهَا ذَنْبٌ آخَرُ غَيْرُ مَا وَقَعَ الْعِقَابُ عَلَيْهِ؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} [الحجرات: 11] وَيُمْكِنْ أَنْ يُجْعَلَ الْخِلَافُ لَفْظِيًّا، وَاللَّهُ أَعْلَمُ. ( «وَمَنْ أَصَابَ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا ثُمَّ سَتَرَهُ اللَّهُ» ) أَيْ ذَلِكَ الشَّيْءَ الْمُصَابَ أَيْ (عَلَيْهِ) : كَمَا فِي نُسْخَةٍ: وَعَلَى غَيْرِهَا، أَيْ سَتَرَ اللَّهُ ذَلِكَ الْمُصِيبَ أَيْ ذَنْبَهُ بِأَنْ لَمْ يُقِمِ الْحَدَّ عَلَيْهِ (فَهُوَ) أَيِ الْمَسْتُورُ (إِلَى اللَّهِ) أَيْ أَمْرُهُ وَحُكْمُهُ مِنَ الْعَفْوِ وَالْعِقَابِ مُفَوَّضٌ إِلَيْهِ، فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ سُبْحَانَهُ عِقَابُ عَاصٍ كَمَا لَا يَجِبُ عَلَيْهِ ثَوَابُ مُطِيعٍ عَلَى الْمَذْهَبِ الْحَقِّ (إِنْ شَاءَ عَفَا عَنْهُ) قُدِّمَ لِسَبْقِ رَحْمَتِهِ (وَإِنْ شَاءَ عَاقَبَهُ) رَدٌّ عَلَى الْمُعْتَزِلَةِ (فَبَايَعْنَاهُ عَلَى ذَلِكَ) وَتُسَمَّى بَيْعَةُ النِّسَاءَ كَمَا فِي سُورَةِ الْمُمْتَحِنَةِ؛ وَلِذَا قِيلَ: عَلَيْكُمْ بِدِينِ الْعَجَائِزِ (مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ) وَرَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، وَالنَّسَائِيُّ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015