لِيَتْرُكَهُ النَّاسُ مَرَّةً، فَإِذَا تَرَكَهُ النَّاسُ وَاسْتَقَرَّ الْأَمْرُ يَزُولُ التَّشْدِيدُ بَعْدَ حُصُولِ الْمَقْصُودِ، هَذَا وَذَهَبَ مَالِكٌ وَأَحْمَدُ إِلَى أَنَّ تَحْرِيمَ الِانْتِبَاذِ فِي هَذِهِ الظُّرُوفِ بَاقٍ لَمْ يُنْسَخْ؛ لِأَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ اسْتُفْتِيَ عَنِ الِانْتِبَاذِ فَذَكَرَهُ، فَلَوْ نُسِخَ لَمْ يَذْكُرْهُ، وَيُرَدُّ بِأَنَّهُ لَمْ يَبْلُغْهُ النُّسَخُ، فَلَا يَكُونُ إِيرَادُهُ لَهُ حُجَّةً عَلَى مَنْ بَلَغَهُ. (وَقَالَ) أَيِ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (احْفَظُوهُنَّ) أَيِ الْكَلِمَاتِ الْمَذْكُورَاتِ مِنَ الْمَأْمُورَاتِ وَالْمَنْهِيَّاتِ وَاعْمَلُوا بِهِنَّ، (وَأَخْبِرُوا بِهِنَّ) أَيْ أَعْلَمُوهُنَّ (مَنْ وَرَاءَكُمْ) أَيِ الَّذِينَ خَلْفَكُمْ مِنَ الْقَوْمِ؛ لِتَكُونُوا عَالِمِينَ مُعَلِّمِينَ وَكَامِلِينَ مُكَمِّلِينَ، وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ بِكَسْرِ الْمِيمِ وَجَرِّ مَا بَعْدَهُ، وَهُوَ غَيْرُ ظَاهِرٍ؛ لِاحْتِيَاجِهِ إِلَى تَقْدِيرِ الْمَفْعُولِ (مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ) : وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، وَالتِّرْمِذِيُّ، وَالنَّسَائِيُّ (وَلَفْظُهُ) أَيْ لَفَظُ الْحَدِيثِ لِلْبُخَارِيِّ، يَعْنِي وَلِمُسْلِمٍ مَعْنَاهُ، فَبِهَذَا الْمَعْنَى صَارَ الْحَدِيثُ مُتَّفَقًا عَلَيْهِ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015