قُلْتُ: وَلَعَلَّ الرَّحْمَةَ تَكُونُ لِلْمُتَوَسِّطِينَ، ثُمَّ رَأَيْتُ ابْنَ حَجْرٍ ذَكَرَ أَنَّهُ فِي رِوَايَةِ: وَوَسَطُهُ رَحْمَةُ اللَّهِ أَيْ: أَنَّ إِبَاحَةَ التَّأْخِيرِ إِلَى وَسَطِهِ مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ بِعِبَادِهِ حَيْثُ أَبَاحَ لَهُمْ ذَلِكَ، وَلَمْ يُوجِبْ عَلَيْهِمُ الْأَدَاءَ فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ، ثُمَّ التَّقْسِيمُ يُفِيدُ أَنَّ أَوَّلَ الْوَقْتِ هُوَ الثُلُثُ الْأَوَّلُ مِنْهُ، وَهَكَذَا قِيَاسُ الْبَاقِي فَتَأَمَّلْ فَإِنَّهُ مُفِيدٌ جِدًّا. وَقَالَ ابْنُ الْمَلَكِ: عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ تَأْخِيرُ الصُّبْحِ إِلَى الْإِسْفَارِ، وَالْعَصْرِ مَا لَمْ تَتَغَيَّرِ الشَّمْسُ، وَالْعِشَاءِ إِلَى مَا قَبْلَ ثُلُثِ اللَّيْلِ أَفْضَلُ لِأَنَّ فِي تَأْخِيرِهَا فَضِيلَةَ انْتِظَارٍ وَتَكْثِيرَ الْجَمَاعَةِ وَنَحْوَهُمَا، وَالْعَفْوُ يَجِيءُ بِمَعْنَى الْفَضْلِ. قَالَ تَعَالَى {وَيَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ} [البقرة: 219] : يَعْنِي: أَنْفِقُوا مَا فَضَلَ عَنْ قُوتِكُمْ وَقُوتِ عِيَالِكُمْ، فَالْمَعْنَى فِي آخِرِ الْوَقْتِ فَضْلُ اللَّهِ كَثِيرٌ اهـ. وَالْمُخْتَارُ أَنَّ الْمُرَادَ بِأَوَّلِ الْوَقْتِ الْوَقْتُ الْمُخْتَارُ أَوْ مُطْلَقٌ، لَكِنَّهُ خُصَّ بِبَعْضِ الْأَخْبَارِ (رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ) : وَقَالَ: حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ اهـ. وَفِي سَنَدِهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ الْعُمَرِيُّ الْآتِي فِي الْحَدِيثِ بَعْدُ، قَالَهُ مِيرَكُ. وَقَالَ ابْنُ حَجَرٍ: هُوَ ضَعِيفٌ مِنْ سَائِرِ طُرُقِهِ، فَلْيُحْمَلْ تَحْسِينُ مَنْ حَسَّنَهُ عَلَى أَنَّهُ حَسَنٌ لِغَيْرِهِ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015