594 - وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " «الَّذِي تَفُوتُهُ صَلَاةُ الْعَصْرِ، فَكَأَنَّمَا وُتِرَ أَهْلَهُ وَمَالَهُ» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
594 - (وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " الَّذِي تَفُوتُهُ ") أَيْ: لِغَيْرِ اخْتِيَارِهِ (صَلَاةُ الْعَصْرِ: أَيْ: عَنْ آخِرِ الْوَقْتِ، وَقِيلَ: عَنِ الْوَقْتِ الْمُخْتَارِ (فَكَأَنَّمَا وُتِرَ) : عَلَى بِنَاءِ الْمَفْعُولِ، أَيْ: سُلِبَ وَأُخِذَ (أَهْلَهُ وَمَالَهُ) : بِنَصْبِهِمَا وَرَفْعِهِمَا أَيْ: فَكَأَنَّمَا فَقَدَهُمَا بِالْكُلِّيَّةِ أَوْ نُقِصَهُمَا. قَالَ السَّيِّدُ: رُوِيَ بِالنَّصْبِ عَلَى أَنَّهُ مَفْعُولٌ ثَانٍ لِوُتِرَ، وَأُضْمِرَ فِي وُتِرَ مَفْعُولُ مَا لَمْ يُسَمَّ فَاعِلُهُ، وَهُوَ عَائِدٌ عَلَى الَّذِي تَفُوتُهُ، فَالْمَعْنَى أُصِيبَ بِأَهْلِهِ وَمَالِهِ، وَمِثْلُهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَلَنْ يَتِرَكُمْ أَعْمَالَكُمْ} [محمد: 35] أَوْ هُوَ بِمَعْنَى سُلِبَ وَهُوَ مُتَعَدٍّ إِلَى مَفْعُولَيْنِ. وَرُوِيَ بِالرَّفْعِ عَلَى أَنَّهُ وُتِرَ بِمَعْنَى أُخِذَ، فَيَكُونُ أَهْلُهُ وَمَالُهُ هُوَ الْمَفْعُولَ الَّذِي لَمْ يُسَمَّ فَاعِلُهُ، فِي الْفَائِقِ أَيْ: خُرِّبَ أَهْلُهُ وَمَالُهُ وَسُلِبَ، مِنْ وَتَرْتُ فُلَانًا إِذَا قَتَلْتُ حَمِيمَهُ، أَوْ نُقِّصَ وَقُلِّلَ مِنَ الْوِتْرِ وَهُوَ الْفَرْدُ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَلَنْ يَتِرَكُمْ أَعْمَالَكُمْ} [محمد: 35] قَالَ الطِّيبِيُّ: لِأَنَّهُمُ الْمُصَابُونَ الْمَأْخُوذُونَ، فَمَنْ رَدَّ النَّقْصَ إِلَى الرَّجُلِ نَصَبَهُمَا، وَمَنْ رَدَّهُ إِلَى الْأَهْلِ رَفَعَهُمَا اهـ.
أَيْ: نَقَصَ أَهْلُهُ وَمَالُهُ فَبَقِيَ وِتْرًا فَرْدًا بِلَا أَهْلٍ وَمَالٍ، يُقَالُ: وَتَرَهُ حَقَّهُ أَيْ: نَقَصَهُ، قِيلَ مَعْنَاهُ، فَوْتُ صَلَاةِ الْعَصْرِ أَكْثَرُ خَسَارًا مَنْ فَوْتِ أَهْلِهِ وَمَالِهِ، وَالْأَوْلَى أَنْ يُقَالَ مَعْنَاهُ فَلْيَكُنْ حَذَرُهُ مَنْ فَوْتِهَا كَحَذَرِهِ مِنْ ذَهَابِ أَهْلِهِ وَمَالِهِ، بَلْ أَكْثَرَ مِنْهُ. قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَلْحَقَ بِالْعَصْرِ بَاقِي الصَّلَوَاتِ، وَقَدْ نَبَّهَ بِالْعَصْرِ عَلَى غَيْرِهَا، وَخُصَّتْ بِالذِّكْرِ لِكَوْنِهَا الْوُسْطَى فَتَرْكُهَا أَقْبَحُ مِنْ غَيْرِهَا، وَهَذَا مُتَعَيِّنٌ لَا يُحْتَمَلُ غَيْرُهُ، وَإِنْ عُبِّرَ عَنْهُ بِالِاحْتِمَالِ احْتِيَاطًا لِاحْتِمَالِ خُصُوصِيَّةٍ لَمْ نُدْرِكْ وَجْهَهَا، وَقِيلَ: وَجْهُ تَخْصِيصِ الْعَصْرِ فِي الْآيَةِ وَالْحَدِيثِ لِكَوْنِهِ وَقْتَ اشْتِغَالِهِمْ بِالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ، فَيَكُونُ فِيهِمَا إِيمَاءً إِلَى قَوْلِهِ تَعَالَى: {رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ} [النور: 37] (مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ) .