(الشؤم في الدّار والمرأة والفرس) قال الخطّابي: قيل إنّ شؤم الدار ضيقها وسوء جوارها، وشؤم الفرس أن لا يغزى عليها، وشؤم المرأة أن لا تلد. وقال الشيخ عزّ الدّين بن عبد السلام: في هذا الحديث إشكال لأنّه إن أراد التشاؤم فالواقع أنّ الناس يتشاءمون بهذه وغيرها، وإن أراد بالشؤم ما اشتملت عليه هذه الأشياء من المفاسد فيصير معنى الكلام إنّما المفاسد في هذه الأشياء، وهذا الحصر مشكل لأنّ غالب ما في الدنيا قد اشتمل على مفسدة ولو بوجه ما، وإذا كان كذلك فلا يمكن الحصر حينئذٍ في الثلاثة؟
قال: والجواب أنّ المراد التشاؤم بها وهو القسم الأوّل في السؤال، وذلك لأنّ التشاؤم يعقبه الضّرر الذي يخافه المتطيّر، فتارة يعقبه لأنّ التشاؤم سبب عادي فلذلك ترتّب عليه، وتارة يعقبه عقوبة لتطير المتشائم فإنّ التطيّر ظنّ، وقد قال الربّ سبحانه وتعالى: "أنا عند ظنّ عبدي بي فليظنّ بي ما شاء" وروي: "فليظنّ بي خيرًا"، فأجرى الله عادته أن يعاقب من أساء الظنّ به بالمفسدة التي وقع التطيّر بها، فالضّرر يصل إلى المتطيّر في هذه الثلاث لأنّ التطيّر سبب، أو لأنّ سوء الظنّ سبب، وأمّا في غيرها فلسبب واحد وهو سوء الظنّ، فالحصر إنّما ورد على سبب التطيّر لا أنّها منحصرة في هذه الثلاث دون غيرها.