(من سكن البادية جفا) أي: غلظ طبعه لقلّة مخالطة العلماء.

(ومن اتّبع الصيد غفل) بفتح الفاء، قال في النهاية: أي يشتغل به قلبه ويستولي عليه حتى يصير فيه غفلة.

(ومن أتى السلطان افتتن) في الصّحاح: افتُتن الرّجل وفُتن، يعني بالبناء للمفعول فيهما إذا أصابته فتنة فذهب ماله أو عقله. انتهى.

والمراد هنا ذهاب دينه، قال الفضيل بن عياض: "كنّا نتعلّم اجتناب السلطان كما نتعلّم السورة من القرآن" رواه البيهقي في شعب الإيمان، والأحاديث والآثار في النّهي عن مجيء العلماء إلى السّلطان كثيرة، جمعتها في مؤلّف يسمّى: "ما رواه الأساطين في عدم المجيء إلى السلاطين"، وذلك لمّا ألحّ عليّ الملك الأشرف قايتباي رحمه الله في المجيء إليه وصمّمت على الامتناع من ذلك، (و) (?) أغراه من لا علم عنده، وقال له طاعتك واجبة، فقلتُ لقُصّادِه: طاعته إنّما تجب في ما وافق أمر النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، فأمّا ما خالفه فأمر النبيّ - صلى الله عليه وسلم - مقدّم على أمره، وأرسلَ إليّ مع الأمير الكبير تمراز يطلب منّي أن أكتب له مستندي في ذلك، فكتبت له الرّسالة السّلطانية ملخّصة من الكتاب المشار إليه وأرسلتها إليه، وختمتها بما في طبقات الحنفيّة عن أبي الحسن الصَّندلي (?) أنّ السلطان ملك شاه زاره وقال له: لم لا تجيء إليّ؟ قال: أردت أن تكون من خير الملوك حيث تزور العلماء، ولا أكون من شرّ العلماء حيث أزور الملوك. قال الغزالي في الإحياء: دخول العلماء على السّلاطين مذموم جدًّا في الشرع وفيه تغليظات وتشديدات تواردت بها الأخبار والآثار.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015