(لا وأستغفر الله) هذا من حسن العبارة، لأن حذف الواو يوهم نفي الاستغفار، قال الإمام فخر الدين الرازي في كتابه المحرّر في النحو: روي عن أبي بكر الصديق أنّه دخل السُّوق فقال لبيّاع: أتبيع هذا الثوب؟ فقال: لا عافاك الله، فقال له أبو بكر: لو علّمتم علمتم قُلْ لا وعافاك الله. وهذا من لطائف النحو، لأنّه عند حذف الواو يتوهّم كأنّه دعا عليه وعند ذكر الواو لا يبقى ذلك الاحتمال. انتهى.

وقال البيضاوي: أي: أستغفر الله إن كان الأمر على خلاف ذلك.

***

[باب في الوقار]

(إنّ الهدي الصّالح والسّمت الصالح والاقتصاد جزء من خمسة وعشرين جزءًا من النّبوّة) في رواية الطبراني "جزء من خمسة وأربعين"، وفي رواية أخرى له: "جزء من سبعين جزءًا"، قال الخطّابي: هدي الرّجل حاله ومذهبه، وكذلك سمته، وأصل السّمت الطريق المنقاد، والاقتصاد سلوك القصد في الأمر والدخول فيه برفق وعلى سبيل يمكن الدّوام عليه، يريد أنّ هذه الخلال من شمائل الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، ومن الخصال المعدودة من خصالهم، وأنها جزء من أجزاء فضائلهم، فاقتدوا بها وتابعوهم عليها، وليس معنى الحديث أنّ النبوة تتجزّأ، ولا أنّ من جمع هذه الخلال كان فيه جزء من النبوة، فإنّ النبوة غير مكتسبة ولا مجتلبة بالأسباب، وإنّما هي كرامة من الله تعالى وخصوصية لمن أراد إكرامه بها من

طور بواسطة نورين ميديا © 2015