متفق عليه.

12- (11) وعن ابن عمر – رضي الله عنهما – قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله،

ـــــــــــــــــــــــــــــ

عملين لا يختص بأحد دون أحد، نعم يمكن لهؤلاء أن يكون لهم أجران على كل عمل من جميع أعمالهم، والله تعالى أعلم. وقيل: في وجه التخصيص لهؤلاء الثلاثة أن في هذه الخصال الثلاثة أشكالاً لا يتعقل حصول الأجرين فيها لما قد يتوهم في العبد أنه مملوك لمولاه، فلعله لا يستحق الأجر والثواب في خدمته؛ لأنه يؤدي بخدمته ما لزمه من حق مولاه، وكذلك تزوجها لغرض نفسه وفائدته، فلا يحصل له فيه الأجر أيضاً، وكذلك قد يخطر في البال أن مؤمن أهل الكتاب لابد أن يكون مؤمناً بنبينا - صلى الله عليه وسلم - لما أخذ الله عليهم العهد والميثاق، فإذا بعث فإيمانه مستمر، فكيف يتعدد إيمانه حتى يتعدد أجره؟ وأيضاً يتبادر إلى بعض الأذهان أن الإيمان عمل واحد، فإن أصل جميع الأديان السماوية واحد لا فرق إلا في الفروع، فاعتبار الإيمان بعيسى أو بموسى أولاً، ثم اعتبار الإيمان بمحمد - صلى الله عليه وسلم - ثانياً وعدهما شيئين ربما يستبعد، فنبه في الحديث أن الإيمان التفصيلي بعد بعثة محمد بأنه هو الموصوف والمنعوت في الكتابين مغاير للإيمان الإجمالي بأن الموصوف بكذا هو رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فثبت التعدد وصرح بأن الإيمان وإن كان عملاً واحداً إجمالاً لكنه لما تعلق بعيسى أو بموسى بخصوصه تفصيلاً، ولا شك أنه عمل ثم تعلق بمحمد كذلك صار متعدداً، أو صار عملين وحصل إيمانان بالنظر إلى التفصيل، وفي وجه التخصيص بهؤلاء الثلاثة أقوال أخر، وأورد المصنف هذا الحديث في الإيمان؛ لأنه يدل على فضل من آمن من أهل الكتاب بنبينا - صلى الله عليه وسلم - وأن له ضعف أجر من لم يكن كتابياً، فإيمانه بمحمد - صلى الله عليه وسلم - من هذه الجهة أفضل من إيمان غيره، والله أعلم. (متفق عليه) أخرجه البخاري في العلم والعتق والجهاد والأنبياء والنكاح، ومسلم في الإيمان، وأخرجه أيضاً الترمذي والنسائي وابن ماجه في النكاح.

12- قوله: (أمرت) على صيغة المجهول أي أمرني الله؛ لأنه لا آمر لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلا الله (أن أقاتل) أي بأن أقاتل، وحذف الجار من أن كثير سائغ مطرد، وأن مصدرية تقديره: مقاتلة الناس (حتى يشهدوا) أي يقروا ويذعنوا (أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله) جعلت غاية المقاتلة وجود ما ذكر فمقتضاه أن من شهد وأقام وآتى عصم دمه ولو جحد باقي الأحكام، لكنه ليس كذلك، والجواب أن الشهادة بالرسالة تتضمن التصديق بجميع ما جاء به مع أن نص الحديث وهو قوله "إلا بحق الإسلام" يدخل فيه جميع ذلك، فكأنه أراد الخمسة التي بني الإسلام عليها، فإن قيل: فلم لم يكتف به ونص على الصلاة والزكاة؟ أجيب بأن ذلك لعظمهما والاهتمام بأمرهما؛ لأنهما أم العبادات البدنية والمالية وأساسهما والعنوان لغيرهما، قلت: والذي يتبين ويظهر من ألفاظ أحاديث الباب أن كلمتي الشهادتين بمجردهما تعصم من أتى بهما ويصير بذلك مسلماً، فإذا دخل في الإسلام فإن أقام الصلاة وآتى الزكاة وقام بشرائع

طور بواسطة نورين ميديا © 2015