وفيها توفي الشيخ الكبير الولي الشهير ذو الجاه الواسع المعروف بمدافع.

سنة سبع وسبعين وخمس مائة

فيها توفي الملك الصالح أبو الفتح اسماعيل ابن السلطان نور الدين محمود بن زنكي ختنه أبوه، فزينت دمشق، وعمل وقتاً باهراً، ثم مات أبوه بعد ختانه بأيام، فأوصى له بالسلطنة، فلم يتم له ذلك، وبقيت له حلب، وكان شاباً ديناً عاقلاً محبباً إلى أهل حلب إلى الغابة، بحيث إنهم قاتلوا صلاح الدين قتال الموت لما جاء ليتملكها، وما تركوا شيئاً من مجهودهم، ولما توفي أقاموا عليه المآتم، وبالغرا في النوح والبكاء عليه، وفرشوا الرماد في الطرق وكان عمره تسع عشرة سنة، وأوصى بحلب ابن عمه عز الدين مسعود بن مودود، فجاء وتملكها. وفيها توفي كمال الدين بن الأنباري العبد الصالح أبو البركات عبد الرحمن بن محمد. كان من الأئمة المشار إليهم في علم النحو، وتفقه في مذهب الإمام الشافعي بالمدرسة النظامية، وتصدرلإقراء النحوواللغة، وأخذ اللغة عن أبي منصور بن الجواليقي، والنحو عن أبي السعادات هبة الله بن السجزي الآتي ذكر فضله - إن شاء الله تعالى - وأخذ عنه، وانتفع بصحبته في علم الأدب، واشتغل عليه خلق كثير وصاروا علماء، وصنف في النحو كتاب أسرار العربية، وهو كتاب سهل المأخذ كثير الفائدة وله كتاب الميزان في النحو أيضاً، وكتاب في طبقات الأدباء جمع فيه بين المتقدمين والمتأخرين مع صغر حجمه، وكتبه كلها نافعة، وكان نفسه مباركاً ما قرأ عليه أحد إلا وتميز، ثم انقطع في آخر عمره في بيته مشتغلاً بالعلم العبادة، وترك الدنيا ومجالسة أهلها، ولم يزل على سيرة حميدة زاهداً عابداً. وكانت ولادته في سنة ثلاث عشرة وخمس مائة ببغداد، ودفن في تربة الشيخ أبي إسحاق الشيرازي. والأنبار: بلدة قديمة على الفرات بينها ويين بغداد عشرة فراسخ. وفيها توفي شيخ الشيوخ أبو الفتح عمر بن علي ابن الشيخ محمد بن حمويه الجويني الصوفي، روى عن جده الفراوي، وجماعة، ونصبه نور الدين شيخ الشيوخ بالشام، وكان وافر الحرمة.

سنة ثمان وسبعين وخمس مائة

فيها سار صلاح الدين فافتتح حران وسروج وسنجار ونصيبين والرقة والبصرة،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015