وبجملة من الما، وانهزم ملكهم جريحاً. وفيها جاء أرسلان صاحب الروم في عشرين ألفاً، فنهض إليه تقي الدين صاحب حماة وسيف الدين المسطور في ألف فارس، فكبسوا على الروميين، فركبوا خيولهم عري، ونجوا، وحوى تقي الدين الخيام بما فيها، ثم من على الأسرى بأموالهم وسرجهم. وفيها توفي المستضيء بأمر الله بن المستنجد بن المقتفي بن المستظهر بن المقتدي العباسي، وبويع بعد أبيه، وكان ذا دين وحلم وأناة ورأفة ومعروف زائد. قال ابن الجوزي: أظهر من العدل والكرم ما لم نره في أعمارنا، وفرق مالاً عظيماً للهاشميين وفي المدارس، وكان ليس للمال عنده وقع، أو قال: قدر. انتهى كلامه. قيل: وكان يطلب ابن الجوزي، ويأمره بعقد مجلس الوعظ، ويجلس بحيث يسمع ولا يرى. وفي أيامه اختفى الرفض ببغداد ووهي، وأما بمصر والشام فتلاشى، وزالت دعوة العبيديين، وخطب له بديار مصر واليمن وبعض المغرب، وبويع بعده ابنه أحمد الناصر لدين الله. واليسع بن عيسى بن حزم الغافقي المقرىء، أخذ القراءات عن جماعة منهم أبوه، وأقرأ بالاسكندرية والقاهرة، وقربه صلاح الدين واحترمه، وكان فقيهاً مفتياً محدثاً، مقرئاً نساباً اخبارياً بديع الخط، وقيل: هو أول من خطب بالدعوة العباسية بمصر. وفيها توفي الحافظ أبو المحاسن عمر بن علي القرشي الزبيري الدمشقي القاضي نزيل بغداد، صحب أبا النجيب السهروردي، وسمع من أبي الدر ياقوت الرومي وطائفة. وتوفي الحافظ المقرىء محمد بن خير الإشبيلي، فاق الأقران في ضبط القراءات
وبرع في الحديث واشتهر بالإتقان وسعة المعرفة بالعربية. وفيها توفي الحافظ ابن أبي غالب الضرير، برع في الحديث حتى صار يرجع إلى قوله، وانتهى إليه معرفة رجال الحديث وحفظه. وفيها توفي أبو الفضل منوجهر بن محمد الكاتب، كان أديباً فاضلاً مليح الإنشاء حسن الطريقة، روى عن جماعة المقامات عن الحريري.