استأذن عليه السلطان شمس الدولة، فتبرك بالسلام عليه واستسعد بالنظر إليه، وسأله الدعاء وأن يمسح له على بدنه. وفيها توفي جعدة العطاردي الإمام مجد الدين الفقيه الشافعي الأصولي الواعظ أبو منصور محمد بن أسعد - الطوسي - تلميذ الإمام البغوي، وراوي كتابيه: شرح السنة ومعالم التنزيل. دخل بلداناً كثيرة، وتفقه وبعد صيته في الوعظ، هكذا ذكر بعضهم. وقال ابن خلكان: كان فقيهاً فاضلاً واعظاً فصيحاً أصولياً، اشتغل على الإمام السمعاني، ثم على الإمام البغوي، وذكر تنقله إلى مرو، ثم إلى مرو روذ، ثم إلى بخارى، وعوده إلى مرو، وعقد مجلس الوعظ له بها، ثم انتقل إلى العراق، ثم إلى الموصل واجتمع الناس عليه بسبب الوعظ، وسمعوا منه الحديث، وأنشد يوماً على الكرسي من جملة أبياته:

تحية صوب المزن يقرأها الرعد ... على منزل كانت تحل به هند

تأت فأعرناها القلوب صبابة ... وعارية العشاق ليس لهارد

وكانت مجالسه في الوعظ من أحسن المجالس.

سنة اثنتين وسبعين وخمس مائة

فيها أمر السلطان صلاح الدين ببناء السور الكبيرالمحيط بمصر والقاهرة من البر، وطوله تسع وعشرون ألف ذراع وثلاث مائة ذراع بالقاسمي فلم يزل العمل فيه إلى أن مات صلاح الدين. وأنفق عليه أموالاً لا تحصى، وأمر أيضاً بإنشاء قلعة الجبل، ثم توجه إلى الاسكندرية، وسمع الحديث من السلفي. وفيها وقعة مقدم السودان المسمىبالكنز، جمع جيشاً بالصعيد، وسار إلى القاهرة في مائة ألف، فخرج له لحربه نائب مصر سيف الدولة، فالتقوا، فانكسر الكنز، وقتل في

طور بواسطة نورين ميديا © 2015