وفيها توفي الإمام أبو بكر الأزدي يحيى بن سعدون القرطبي النحوي، نزيل الموصل وشيخها، سمع بقرطبة ومصر وبغداد، وأخذ عن الزمخشري وبرع في العربية والقراءات، وتصدر فيها مدة. وكان ذا عبادة وورع، وتبحر في العلوم. وفيها توفي أبو الفتوح نصرالله بن قلانس ألفاعر اللخمي الإسكندري. كان شاعراً مجيداً وفاضلاً نبيلاً، صحب الشيخ الحافظ أبا طاهر السلفي، وانتفع بصحبته، وأثنى عليه الحافظ المذكور، ودخل بلاد اليمن، وامتدح بعض الوزارء في مدينة عدن، فأحسن إليه وأجزل صلتة، تم ركب البحر فغرق جميع ما كان معه، فعاد إليه عرياناً، وأنشده قصيدة مطلعها:
صدرنا وقد نادى السماح بنا ردوا ... فعدنا إلى مغناك والعود أمد
وأنشده أيضاً قصيدة مفتتحها:
سافر إذا حاولت قدراً ... سار الهلال فعاد بدرا
والماء يكسب ماجرى ... طيبا ًويخبث ما استقرا
وتنقل الدرر النفيسة ... بدلت بالبحر نحرا
ومعنى البيت الثاني مأخوذ من قول بديع الزمان: الماء إذا طال مكثه ظهر خبثه. والبيت الثالث مأخوذ من قول صرد ألفاعر وهو:
نقل ركابك في الفلا ... ودع الغواني في الخدور
لولا التنقل ما ارتقى ... درر البحور إلى النحور
فيها دخل قراقوش - بألفاق مكررة والشين المعجمة - ابن أخي السلطان صلاح الدين بلاد المغرب، فنازل طرابلس مدة وافتتحها - وكان للفرنج -. وفيها سار شمس الدولة أخو صلاح الدين إلى اليمن، فافتتحها وقبض على المتغلب عليها الزنديق المسمى بعبد النبي.