قال إلىاوي: وكان جمع من المشايخ والعلماء حاضرين هذه الواقعة، فأطربهم سماع هذا الكلام، ودهشوا من حسن إفصاحه عن حال إلىجل، وقام بعضهم ومزق ثيابه، وخرج إلى الصحراء عرياناً يعني هائماً.
قلت: وقوله: ومن وراء ذلك رداء الكبرياء الذي لا سبيل إلى انخراقه - نحو مما أشار إليه الشيخ الكبير ألفارف بالله السيد الجليل شيخ الشيوخ أبو الغيث ابن جميل - قدس الله روحه - بقوله: كل خيال نقاب لوجه الأمر العزيزي، والأمر العزيزي نقاب لجلال جمال سبحات وجه الله الكريم فرضاً، لئلا يبرز من ذلك الجلال ذرة، فلا يبقى أحد من الثقلين، ولا من سواهما لا يعرف لله طاعة ولا عصياناً. قلت: قوله: لا يعرف لله طاعة ولا عصياناً: يظهر فيه لي احتمالان، الاحتمال الأول: الإشارة إلى الفناء الكلي، واصطلام الحس والمحسوس، وفقدان وجدان جميع الوجود لاستيلاء سلمان جلال الجمال في حالة الشهود، فلا يشعر حينئذ بطاعة ولا معصية ولا مطيع ولا عاصي. والاحتمال الثاني: أن يشهد القدر سابقاً المقدور بسوط - القضاء المبرم، وقائداً له إلى العلم ألفابق بزمام الحكم المحكم، وصار مزعجاً بالخروج إلى حيز الوجود من حيز العدم، واقعاً - لا محالة - بقدرة الملك ألفادر وإيجاد خالق كل شيء العزيز ألفاهر المهروب منه إليه المستعاذ به منه، جل وعلا وتبارك وتعالى. قلت: فهذا ما اقتصرت عليه من ترجمة قطب الأولياء الأكابر المتوج بتاج الشرف والمفاخر، شيخ الوجود ومطلع السعود، محيي الدين عبد ألفادر، الذي لا تسع ترجمة محاسنه إلا مجلمات، على هذه النبذة اليسيرة في نحو تصنيف كراسة صغيرة، وقد اقتصر الذهبي منهاعلى نحو سبعة أسطرحقيرة. وفي السنة المذكورة توفي الإمام الحافظ تاج الإسلام أبو سعد عبد الكريم بن محمد ابن منصور المروزي، محدث المشرق، صاحب التصانيف الكثيرة وإلىحلة الواسعة. سمع بنيساور وهراة وبغداد وأصبهان ودمشق، وله معجم شيوخه في عشر مجلمات. كان ثقة مكثراً واسع العلم كثير الفضائل، ظريفاً لطيفاً نبيلاً متجملاً شريفاً. وفي السنة المذكورة توفي القاضي الرشيد أبو الحسين أحمد ابن القاضي الرشيد أبي الحسن علي الغساني الأسواني. كان من أهل الفضل والنباهة وإلىئاسة، صنف كتاب جنان الجنان ورياض الأذهان وذكر فيه جماعة من مشاهير الفضلاء، وله ديوان شعر، ولأخيه القاضي المهذب ديوان شعر أيضاً، وكانا مجيدين في نظمهما ونثرهما، ومن نظم القاضي المهذب قوله في قصيدة: