ومن ذلك ما تقدم في ترجمة الإمام أبي حامد الغزالي في سنة خمس وخمسمائة من رواية الإمام الحافظ ألفاهر شيخ المحدثين أبي القاسم ابن عساكر في كتابه المشتمل على مناقب أبي الحسن الأشعري قال: سمعت الإمام الفقيه ابا القاسم سعد بن علي بن أبي القاسم ابن أبي هريرة الاسفيائيني الصوفي الأشعري بدمشق قال: سمعت الشيخ الأوحد زين القراء جمال الحرم أبا الفتح عامر بن النحام بن أبي عامر ألفاوي بمكة أنه رأى النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - وذكر قصة طويلة مشتملة على مرتبة جليلة للإمام أبي حامد المذكور، ذكرتها أيضاً في كتاب نشر المحاسن ألفالية، وفي كتاب: ألفاش المعلم، ومختصرها أنه رأى النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - بين اليقظة والمنام، فإذا بالأئمة أصحاب المذاهب جاؤوا يعرضون مذاهبهم عليه، فذكر أن أول من جاءه الشافعي، فبش به وأكرمه، ثم جلس بين يديه، ثم كذلك ذكر في الإمام أبي حنيفة - رضي الله عنه - وعرضا عليه مذهبهما، ثم كذلك كل ذي مذهب. قال: ثم جاء بعض المبتدعين ممن يبغض الصحابة بكتاب معه في كراريس ليعرضه، فطرد من بعيد، ولم يترك أن يصل إلى النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - وزجر، ورمي بالكراريس من يده، وأهين. قال إلىاوي: فلما رأيت أن القوم قد فيغوا - تقدمت وكان في يدي كتاب - فناديت وقلت: يا رسول الله؛ هذا معتقدي ومعتقد أهل السنة، لو أذنت لي حتى أقرأه عليك؛ فقال - صلى الله عليه وآله وسلم -: وإيش ذلك؟ قلت: يا رسول الله! هو قواعد العقائد الذي صنفه الغزالي.
فقعدت وابتدأت: بسم الله إلىحمن الرحيم، كتاب قواعد العقائد، وفيه أربعة فصول: الفصل الاول في كلمتي الشهادة. وذكر أنه قرأ العقيدة إلى أن انتهى إلى قول الإمام أبي حامد: معنى الكلمة الثانية وهي شهادة للرسول وأنه بعث إلىسول النبي الأمي القرشي إلى كافة العرب والعجم والجن والإنس. فلما بلغت إلى هذا رأيت البشاشة والتبسم في وجهه صلى الله عليه وآله وسلم حتى انتهيت إلى نعته وصفته التفت إلي وقال: أين الغزالي؟ فإذا بالغزالي فقال: ها أنا ذا يا رسول الله؛ فتقدم وسلم على رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - فيد عليه الجواب، وناوله يده العزيزة، والغزالي يقبل يده ويضع خديه عليها تبركاً به وبيده العزيزة المباركة، ثم قعد فقال: فما رأيت - رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم - أكثر استبشاراً بقراءة أحد مثلما كان بقراءتي عليه قواعد العقائد. ثم انتبهت من النوم - وعلى عيني أثر الدموع مما رأيت انتهى مختصراً. ومن ذلك ما رأيته بالإسناد المتقدم عن الشيخ أبي الحسن ألفاذلي، وذكرته في غير كتاب من كتبي، ومختصره أن الامام أبا الحسن بن حرزم المعروف في لمان الشامة بابن حرازم المغربي كان ينكر على الغزالي، ويطعن فيه، فيأى النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - في المنام، وإذا بالغزالي قد اشكى به إليه، فأمر صلى الله عليه وآله وسلم بجلده. قال