طالع في المهذب أربعين مرة بعد حفظه له. قلت: يعني أنه تكرر تتبع الكتاب لينظر: هل ما وجد من الزوائد في غيره فيه أم ل؟ لئلا يقع ما يسميه - زوائد ما هو موجود فيه - وذكر كلاماً مما يدل على قوة حفظه لكتاب المهذب وفهمه فيه، وتصرفه في معانيه وامادة الطلبة وتفهيمهم على حسب ما يليق بكل منهم من بسط الكلام والاقتصار على ما يحصل به الإفهام. قلت ولا شك أن إلىجل كان كذلك ماهراً في كثير من العلوم - سيما علم الفقه - خصوصاً كتاب المهذب، وعليه العمدة كان في جمعه كتاب البيان، ثم أضاف إليه ما ذكر من الزوائد كما فعل الشيخ في عبد الغفار في كتابه: ألفاوي كما نبه في خطبته بقوله: سميته ألفاوي لما حوى الفوائد الزوائد وما في اللماب، يعني أنه أودعه ما تضمنه كتابه المسمى باللماب، مع زوائد أخرى أضافها إليه. وبلغني أنه كثيراً ما كان يعتمد في جمع البيان على كتاب الشامل لابن الصباغ في بعض ما نقل. وروى ابن سمرة أنه لما فيغ من كتاب البيان سآله الفقيه محمد بن مفلح الحضرمي - وكان من جلة أصحابه أن يستخرج المسائل المشكلة، فاستخرج ذلك ووضعه في كتاب مستقل. وذكر أنه في أثناء تصنيف البيان اعتنر من التدريس لاشتغآله بجمعه. قلت: واللذة يجدها مع الاشتغال - خلقها الله تعالى في قلوب المشتغلين بالعلوم أو بالأعمال - ليكون عوناً على تحصيل المقاصد، بحيث إن الإنسان يقدم ذلك الشغل الذي هو فيه على غيره من حظوظ النفس، حكمة من الله تعالى ولطفاً، حتى أخبرني بعض شيوخنا أنه كان يتغذى بالاشتغال بالعلم، قلت: ولقد كنت في بعض الأوقات يبيت عشاي مطروحاً أول الليل إلى آخر وقت السحر، لما أجد من الميل إلى غيره. رجعنا إلى ما كنا. وذكر أنه أقام بسير بفتح السين المهملة وسكون المثناة من تحت وفي آخره راء وفي أوله موحدة مكسورة: مكان، حتى ظهرت حروب فيه وفتن، فانتقل إلى ذي السفا، ثم إلى ذي أشر، وأقام فيه سبع سنين يدرس ويقرأ، ثم ظهر ابن مهدي واستولى على زبيد وأعمآلها، ثم قويت شوكة ولده مهدي، وأغار على الجند وبواديها، وقتل من قتل في تلك النواحي سنة سبع وخمسين وخمس مائة، ثم في سنة ثمان أخذ جبال