عادتهم في ذلك الزمان أنهم يكتبون في الجلود والعظام والخزف، وما شاكل ذلك. وفيها توفي سديد الدولة ابن الأنباري صاحب ديوان الإنشاء محمد بن عبد الكريم الشيباني ألفاتب البليغ، أقام في الإنشاء خمسين سنة، وناب في الوزارة ونفذ رسولاً، وكان ذا رأي وحزم وعقل. وفيها توفي الفقيه العلامة الإمام مفيد ألفالبين وقدوة الأنام الذي سارت بفضائله إلىكبان، واشتهر علمه في البلمان، النجيب ألفارع صاحب البيان أبو زكريا يحيى بن أبي الخير اليمني، من بني عمران المنتسبين إلى معد بن عدنان. ولد في سنة تسع وثمانين وأربع مائة، وتفقه بجماعة، منهم: خآله أبو الفتوح، ومنهم الإمامان زيد بن عبد الله اليفاعي، وزيد بن الحسين ألفايشي، وموسى بن علي الصعبي، وعبد الله بن أحمد، وعمر بن اسماعيل بن علقمة، وسالم بن عبد الله، وغير هؤلاء المذكورين، ومنهم شيخه في الحديث، ومنهم شيخه في الفقه، ومنهم شيخه في النحو ومنهم شيخه في اللغة ومنهم شيخه في الأصول. وحفظ على - ما ذكر ابن سمرة -: كتاب المهذب واللمع للشيخ أبي إسحاق، والملخص والإرشاد لابن عبدويه، وكافي الفيائض للصرد، والذي ذكره من مسموعاته من الحديث صحيح البخاري وسنن أبي داود وجامع الترمذي، وقرأ في أصول الدين الحروف الستة، وتزوج في سنة سبع عشر بأم القاضي طاهر المذكور، وكان قد تسرى قبلها بحبسه. وتفقه ولده القاضي أبو الطيب طاهر المذكور، وخلفه في حلقته ومجلسه، وأجاب عن المشكلات في حياته، وجالس العلماء وروى عنهم، وأخذ عن غير واحد، وجاور في مكة سنين، فيوى عن كبار المحدثين في الحرم الشريف: كالأنصاري، وعن شيخ المقرئين أبي عبد الله محمد بن ابراهيم الحضرمي، ثم عاد إلى وطنه في سنة ست وستين، وولي قضاء ذي جبلة وأعمآلها من زمان بني مهدي إلى بعض أيام شمس الدولة من بني أيوب، وصنف مصنفات مليحة منها: مقاصد اللمع، ومنها كتاب في مناقب الإمامين الشافعي وأحمد بن حنبل، وجمع بين علم القراءات والحديث والفقه، وبرع في علم الكلام، وناظر بعض المخالذين بين يدي سلمان الوقت، فقطعه مراراً. رجعنا إلى ذكر والده الإمام يحيى بن أبي الخير، وفي سنة ثمان عشرة ابتدأ بمطالعة الكتب من شروح مختصر المنني والشامل لابن الصباغ وكتاب العدة والإبانة، وشرح التلخيص وغير ذلك من الفقهيات، فوجد فيها من المسائل ما ليس مذكوراً في المهذب