ماضي اللماظ كأنما سلت يدي ... سيفي غداة إلىوع من جفنيه
والناس طوع يدي وأمري نافذ ... فيهم وقلبي الآن طوع يديه
فأعجب لسلمان يعم بعدله ... ويجور سلمان الغرام عليه
مع أبيات أخرى، ومنه:
مشيبك قد نضى صبغ الشباب ... وحل ألفاز في وكر الغراب
تنام ومقلة الحدثان تقضي ... وما ناب النوائب عنك نابي
وكيف بقاء عمرك وهو كنز ... وقد أنفقت منه بلا حساب
وكان المهذب عبد الله بن أسعد الموصلي قد قصده من الموصل مدحه بقصيدته ألفافية التي أولها.
أما كفاك تلاقي في تلاقيك ... ولست تنقم إلا فيط حبيكا
وفيم تغضب إن قال الوشاة: سلاوأنت تعلم أني لست أسلوكا
لا نلت وصلك إن كان الذي زعموا ... ولا شفا ظمئي جود ابن رزيكا
وهي من نخب القصائد. ولما مات ألفائز وتولى العاضد مكانه استمر الصالح على وزارته، وزادت حرمته، وتزوج العاضد ابنته، فاغتر بطول السلامة. وقد كان العاضد تحت قبضته، فيزق عليه من يقتله من أجناد الدولة، فكمنوا للصالح مرة بعد أخرى حتى قتلوه، وخرجت الخلع بمنصبه لولده العادل، وهذا الصالح المذكورهو الذي بنى الجامع على باب زويلة بظاهر القاهرة، وكان لما خرج أشرت على الوفاة قد أوصى ولده أن يتعرض لماور وزير مصر بسوء، وكان قد تمكن في بلاد الصعيد، ثم إنه قدم إلى القاهرة، وهرب العادل وأهله منها، وحمل من الذخائر ما لا يحصى، وندب شاور جماعة، فلحقوه وأخذوه أسيراً، وأحضروه إلى باب شاور، فوقف عنده زمناً طويلاً، ثم حبسه مدة، ثم قتله وتولى مكانه من الوزارة ومدة. ثم خرج عليه أبو الأشبال ضرغام بن عامر الملقب بفارس المسلمين اللخمي المنذري، وغلبه وأخرجه من القاهرة. وذكر الحافظ ابن عساكر في تاريخه ابن شاور وصل إلى الملك العادل نور الدين مستنجداً، فأكرمه واحترمه، وبعث معه جيشاً، ثم إن شاور بعث إلى ملك الفرنج، واستنجده، وضمن له أموالاً، فيجع عسكر نور الدين إلى الشام، وحدث ملك الفرنج نفسه بملك مصر، فلما بلغ نور الدين ذلك جهز عسكراً، وجاءت أمور يطول ذكرها، ثم إن شاور المذكور قتل، وكان قتله عند مشهد السيدة نفيسة - رضي الله عنها - بين القاهرة ومصر، وكان طلائع المذكور أديباً شاعراً، فاضلاً جواداً، ممدحاً رافضياً، يجمع الفقراء ويناظرهم على الإمامة وعلى القدر، وله مصنف في ذلك.