عألفا صألفا حلو المجالسة، شديد التعصب للأشعرية، صاحب حط على الحنابلة. قتل في سبيل الله في حصار الفرنج بدمشق، مقبلاً غير مدبر بالذيروز، وقبره يزار بمقبرة باب الصغير. وفيها قتل شاهنشاه ابن نجم الدين أيوب، في الوقعة التي اجتمع فيها الفرنج سبع مائة ألف ما بين فارس وراجل - على ما قيل - وتقدموا، إلى باب دمشق، وعزموا على أخذ بلاد المسلمين قاطبة، فنصر الله عليهم المسلمين - ولله الحمد -.
فيها توفي القاضي أحمد بن محمد الأرجاني - بفتح آلهمنة وكسر إلىاء مع خلاف في تشديدها وتخفيفها وبعدها جيم - له شعر رائق، وكان قاضي تستر. وهو وإن كان في العجم ففي العرب محتدة. وكان فقيهاً شاعراً. وفي ذلك قوله:
أنا أشعر الفقهاء غير مدافع ... في العصر أو أنا أفقه الشعراء
شعري إذا ما قلت دونه الورى ... بالطبع لا بتكلف الالماء
كالصوت في قلل الجبال إذا عل ... للسمع هاج تجاوب الأصداء
قلت: ليس في الأصل المنقول منه قلل، بل لفظ آخر معناه غير مفهوم. ومن شعره:
لوكنت أجهل ما علمت لسرني ... جهلي كما قد ساءني ما أعلم
كالصعو يرتع في الرياض وإنما ... حبس آلهزار لأنه يترنم
والصعوة بالصاد المهملة، وآلهزار بالزاي المعجمة: طائران. ومنه:
شاور سواك إذا نابتك نائبة ... يوماً وإن كنت من أهل المشورات
فالعين تنظر منها ما دنا ونأى ... ولا ترى نفسها إلا بمرآة
ومنه:
أنحو كم ويرد وجهي القهقرى ... عنكم، فسيري مثل سير الكوكب
فالقصد نحو المشرق الأقصى لكم ... والسير رؤي العين نحو المغرب