في العلوم. قال ابن السمعاني: ما رأيت أجمع للفنون منه، نظر في كل علم.
وفيها توفي الشيخ الكبير العالم ألفارف، ذو الأسرار والمعارف أبو يعقوب يوسف بن أيوب بن يوسف آلهمذاني شيخ الصوفية بمرو وبقية مشايخ الطريق ألفالكين الشاملين، تفقه على الشيخ أبي إسحاق، فأحكم مذهب الشافعي، وبرع في المناظرة، ثم ترك ذلك وأقبل على شأنه. روى عن الخطيب والكبار، وسمع بأصبهان وبخارى وسمرقند، ووعظ وخوف، وانتفع به الخلق، وكان صاحب أحوال وكرامات، وتوفي في ربيع الأول عن أربع وتسعين سنة.
وفيها توفي أبو نصر محمد بن عبيد الله بن خاقان القيسي صاحب كتاب قلائد العقيان، له عدة تصانيف منها الكتاب المذكور، جمع فيه الشعراء المغرب وطائفة كثيرة، وتكلم على ترجمة كل واحد منهم بأحسن عبارة وألطف إشارة. هكذا حكي عنه. وله أيضاً كتاب مطمح الأنفس ومسرح ألفانس في ملح أهل الأندلس، وهو ثلاث نسخ: كبرى ووسطى وصغرى، وهو كثير ألفائدة، لكنه قليل الوجود في هذه البلاد، وكلامه في هذه الكتب يدل على فضله وغزارة مادته، وكان كثير الأسفار سريع التنقلات. قال الحافظ أبو الخطاب بن دحية في كتابه الموسوم بالمطرب من أشعار أهل المغرب: لقيت جماعة من أصحابه حدثوني عنه تصانيفه وعجائبه، وكان مخلوع العذار في دنياه، ولكن كلامه في تآليفه كالسحر الحلال والماء الزلال، قيل: ذبح في مسكنه في مراكش، أشار بقتله أمير المؤمنين أبو الحسن علي بن يوسف بن تاشفين.
وفيها توفي أبو يعقوب يوسف بن أيوب بن يوسف آلهمداني، الفقيه ألفاضل العالم الشامل إلىباني، قدم بغداد ولازم الشيخ أبا إسحاق الشيرازي، واشتغل عليه حتى برع في أصول الفقه والمذهب والخلاف. وسمع الحديث من جماعة ببغداد وأصبهان وسمرقند، ثم زهد في الدنيا، ولزم العبادة والرياضة والمجاهدة حتى صار من العلماء الذين يهتدي بهم الخلق إلى الله عز وجل، وعقد له مجلس الوعظ في المدرسة النظامية في بغداد، وصادف قبولاً عظيماً من الناس. قال الشيخ الصالح أبو الفضل صافي بن عبد الله الصوفي: حضرت مجلس شيخنا يوسف آلهمداني في النظامية - وكان قد اجتمع عليه العالم - فقام فقيه يعرف بابن السقا، وسآله، فقال الشيخ ألفارف ذو المعارف والنور يوسف بن أيوب المذكور: جلس، فإني أجد من كلامك رائحة الكفي، ولعلك تموت على غير دين الإسلام. قال أبو الفضل: فاتفق بعد