وفيها ظهرت ببغداد عقارب طيارة قتلت جماعة أطفال. وفيها توفي أبو إسحاق ابراهيم بن يحيى الكلبي الغزي المشهور، شاعر محسن، ذكره الحافظ ابن عساكر في تاريخ دمشق، وسمع من الشيخ نصر المقدسي سنة إحدى وثمانين وأربعمائة، رحل إلى بغداد وأقام بالمدرسة النظامية عدة سنين، ومدح ورثى غيرواحد من المدرسين بها وغيرهم، ثم رحل إلى خراسان وامتدح بها جماعة من رؤسائها، وانتشر شعره هناك، وذكر له عدة مقاطع من الشعر، وأثنى عليه. انتهى كلام الحافظ. قال ابن خلكان: وله ديوان شعر اختاره بنفسه، وذكر في خطبته أنه ألف بيت، وذكره العماد الكاتب في الخريدة، وأثنى عليه، وقال: إنه جاب البلاد وتغرب، وتغلغل في أقطار خراسان وكرمان، ومدح وزير كرمان مكرم بن العلاء في قصيدته البائية التي أبدع فيها. منها قوله:
حملنا من الأيام ما لا نطيقه ... كما حمل العظم الكثير العصائبا
ومنها في قصر الليل. وهي معنى لطيف:
وليل رجونا أن يدب عذاره ... فما اختط حتى صار بالفجر شائبا
ومن شعره قوله:
قالوا هجرت السفر، قلت: ضرورة ... وباب الدواعي والبواعث مغلق
خلت الديار فلا كريم يرتجى ... منه النوال ولا مليح بعشق
ومما يستملحه الأدباء ويستظرفونه قوله:
إشارة منك كفينا وأحسنها ... رد السلام غداة البين بالعنم
أم ترانا وقد ضمت يد ليد ... عند العناق وقد لاقى فم لفم
حتى إذا طرح عنها المرط من دهش ... فانحل بالضم سلك العقد في النظم
تبسمت فأضاءالليل فالتقطت ... حباب منتشرفي ضوء منتظم