مناظرته، فقال له أبو حامد: هذا شيء تركناه بصبية بالعراق، يعني: ترك المغالبة بالعلم والمفاخرة فيه لصبية - جميع صبي - كأنه شبه من يطلب هذا بالصبيان لغلبة الهوى عليهم، نسأل الله التوفيق لصالح الأعمال وحسن الخاتمة عند منتهى الآجال.

؟ سنة إحدى وعشرين وخمس مائة

فيها أقبل السلطان محمود بن محمد ابن ملك شاه في جيشه محارباً للمسترشد بالله، فتحول أهل بغداد كلهم إلى الجانب الغربي، ونزل محمود والعسكر بالجانب الشرقي، وتراموا بالنشاب، وترددت الرسل في الصلح، فلم يفعل الخليفة، فنهبت دار الخلافة، فغضب الخليفة، وخرج من المخيم. والوزير ابن صدقة بين يديه - فقدموا السفن في دفعة واحدة، وعبر عسكر الخليفة، وألبسوا الملاحين السلاح، وسبح العيارون وصاح المسترشد: يا لبني هاشم، فتحركت النفوس معه، هذا وعسكر السلطان مشغولون بالنهب، فلما رأوا الجد ولوا الأدبار، وعمل فيهم السيف، وأسر منهم خلق، وقتل جماعة أمراء، ودخل الخليفة إلى داره، وكان معه يومئذ قريب من ثلاثين ألف مقاتل، ثم وقع الصلح. وفيها ورد الخبر بأن سنجر صاحب خراسان قتل من الباطنية اثني عثر ألفاً، ومرض السلطان محمود، وتعلل بعد الصلح، فرحل إلى همدان، وولي بغداد الأمير عماد الدين زنكي، ثم صرف بعد أشهر، وفوض إليه الموصل، وسار إليها لموت متوليها. وفي السنة المذكورة توفي أبو السعادات أحمد بن أحمد بن عبد الواحد الهاشمي العباسي المتوكلي، شريف صالح خير. روى عن الخطيب وغيره، وعاش ثمانين سنة. ختم التراويح ليلة سبع وعشرين، ورجع إلى منزله فسقط من السطح فمات رحمه الله تعالى. وفيها توفي أبو الحسن بن الدينوري علي بن عبد الواحد، روى عن القزويني وأبي محمد الخلال، وهو أقدم شيخ لابن الجوزي، وأبو العز القلانسي محمد بن الحسين بن بندار الواسطي مقرىء العراق وصاحب التصانيف في القراءات. وفيهما توفي عبد الله بن محمد المعروف بابن السيد البطليوسي النحوي، كان عالماً بالآداب واللغات، متبحراً فيهما ومقدماً في معرفتهما وإتقانهما، وكان الناس يجتمعون إليه ويقرؤون عليه، ويقتبسون منه، وكان حسن التعليم جيد التفهيم، ثقة ضابطاً، ألف كتباً نافعة، منها كتاب المثلث فى مجلدين، أتى فيه بالعجائب، ودل على اطلاع عظيم، فإن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015