شيخ مشهور فصيح مفوة، صاحب قبول تام لبلاغته وحسن إيراده وعذوبة لسانه، وعظ مرة عند السلطان محمود فأعطاه ألف دينار، وكان مليح الوعظ حسن المنظر صاحب كرامات وإشارات، وكان من الفقهاء، غير أنه مال إلى الوعظ والتصوف فغلب عليه، ودرس بالنظامية نيابة عن أخيه أبي حامد، لما ترك التدريس زهادة فيه، اختصر كتاب أخيه المسمى بإحياء علوم الدين، في مجلد واحد، وسماه: لباب الأحياء، وله كتاب آخر سماه: الذخيرة في علم البصيرة، وطاف البلاد، وخدم الصوفية بنفسه، وخدموه، وصحبهم وصحبوه، وكان مائلاً إلى الانقطاع والعزلة. وذكره ابن النجار في تاريخ بغداد فقال: كان قد قرأ القارىء بحضرته: " ياعبادي الذين أسرفوا على أنفسهم " - الزمر 53 -، فقال: شرفهم بياء الإضافة إلى نفسه بقوله يا عبادي، ثم أنشد:؟ وهان علي اللوم في جنب حبها وقول الأعادي إنه لخليع
أصم إذا نوديت باسمي وإنني ... إذا قيل لي: يا عبدها، لسميع
وهذا مثل قول بعضهم: لا تدعني إلا بيا عبدي، فإنه أشرف أسمائي، وتوفي بقزوين - رحمه الله تعالى. قلت هكذا أثنى عليه الحافظ ابن النجار وغيره من العلماء والأولياء، ولا التفات إلى
ما أومى إليه الذهبي من بعض الطعن فيه. ومما يحكى من مكاشفاته أنه سأله إنسان عن أخيه محمد، أين هو؟ فقال: في الدم، ثم طلبه السائل فوجده في المسجد، فتعجب من قول أخيه في الدم، وذكر له ذلك فقال: صدق، كنت أفكر في مسألة من مسائل المستحاضة - رحمة الله تعالى عليهما. وفيها توفي أبو بحر الأسدي. سفيان بن العاصي محدث قرطبة. وصاعد بن سيار أبو العلاء الهروي الدهان، قال السمعاني: كان حافظاً متقناً، كتب الكتب الكثيرة، وجمع الأبواب، وعرف الرجال. وأبو الوليد محمد بن أحمد بن رشد المالكي، قاضي الجماعة بقرطبة ومفتيها. روى عن أبي علي الغساني وأبي مروان بن مروان وخلق، وكان من أوعية العلم، له تصانيف مشهورة، عاش سبعين سنة. وفيها توفي أبو عبد الله محمد بن بركات السعيدي المصري النحوي اللغوي، روى عن القضاعي وغيره، وسمع البخاري من كريمة بمكة.