فيها احترقت دار السلطنة ببغداد، فتلف ما قيمته ألف ألف دينار. وفيها توفي أبو علي الحداد: الحسن بن أحمد الأصبهاني المقرىء المجود، مسند الوقت، وكان مع علو إسناده أوسع أهل زمانه رواية، حمل الكثير عن أبي نعيم، وكا ن خيراً صالحاً. وفيها توفي الملك الأفضل شاهنشاه ابن أمير الجيوش بدر الجمالي الأرمني، كان الملك الأفضل وزيراً للمستعلي العبيدي، وكان حسن التدبير فحل الرأي، وهو الذي أقام المستعلي بعد موت أبيه المستنصر مقامه، وخلف من الأموال ما لم يسمع بمثلهما، قيل إنه خلف ستمائة ألف دينار عيناً، ومائتين وخمسين إردباً دراهم نقد مصر، وخمساً وسبعين ألف ثوب ديباج أطلس، وثلاثين راحلة أخفافها من ذهب عراقي، وداوة ذهب فيها جوهر قيمته أثنا عشر ألف دينار، ومائة مسمار من ذهب وزن كل مسمار مائة مثقال، في عشرة مجالس، في كل مجلس عشرة مسامير، على كل مسمار منديل مشدود بذهب من الألوان أيما أحب منها لبسه - وخمس مائة صندوق لكسوته خاصة من دف دمياط وبلد أخرى سموها، وخلف من الرقيق والخيل والبغال والمراكب والطيب والتجمل والحلي ما لا يعلم قدره إلا الله، وخلف خارجاً من ذلك من البقر والجواميس والغنم كما يطول عدده، وبلغ ضمان ألبانها في سنة وفاته ثلاثين ألف دينار، ووجد في تركته صندوقان كبيران فيهما إبر ذهب برسم النساء والجواري. وكان شهماً مهيباً بعيد الغور، ولي وزارة السيف والقلم، وإليه قضاء القضاة والتقدم على الدعاة في ولاية المستعلي، ثم الأمر، وكانا معه صورة بلا معنى، وكان قد أذن للناس في إظهار عقائدهم، وأمات شعار دعوة الباطنية، فنقموه لذلك، ووثب عليه ثلاثة من الباطنية فضربوه بالسكاكين فقتلوه، وحملوه بآخر رمق، وقيل إن الأمير دسهم عليه بتدبير أبي عبد الله البطائحي الذي وزر بعده، ولقب بالمأمون. وفيها توفي أبو القاسم علي بن جعفر السعدي الصقلي المولد، المعروف بابن القطاع،