العلامة يحيى صاحب البيان عن والده المذكور - وتفقه زيد أيضاً بصهره الإمام إسحاق بن يوسف الصروفي، ثم ارتحل إلى مكة في المرة الأولى، فأدرك فيها تلميذي الشيخ الإمام أبي إسحاق الشيرازي مصنف المهذب، وهما الحسين بن علي الشاشي الطبري مصنف العدة وأبو نصر البندنيجي مصنف المعتمد في الخلاف، فقرأ عليهما، وطريقه في المهذب وكتاب التبصرة في علم الكلام في أصول الدين إلى أبي نصر البندنيجي. وذكر ابن سمرة أنه لما رجع زيد المذكور من مكة إلى الجند سنة اثنتي عشرة وخمس مائة اجتمع عنده في الجند ما يزيد على مائتي رجل من أجلة الفقهاء من تهامة وأبين وحضرموت والشحر والشام وغير ذلك، وقرأ الإمام يحيى بن أبي الخير عليه النكت في الخلاف: تصنيف الشيخ أبي إسحاق الشيرازي، وسمع عليه أيضاً بقراءة الفقيهين، الإمام عبد الله الهمداني وعبد الله بن يحيى الصعبي، وبقراءة غيرهما من الفقهاء الأجلة عدة كتب في الفقه والخلاف والأصول، وذلك في دولة السلطان أبي الفتوح الحميري، فعظم حال الفقيه وجمل أمره، واجتمع المؤالف - والمخالف على مودته، وكان لا يصلي في الجامع إلا الجمعة في آخر المسجد. قلت لعل تأخره عند حضور الجماعة في الصلوات لما يخشى من الضرر في اجتماع الناس عليه وازدحامهم بحسن اعتقادهم فيه، أو غير ذلك من الآفات، كما ذكر الإمام أبو حامد الغزالي أنه رأى بمكة بعض العارفين يصلي في بيته، لا يحضر المسجد الحرام، فسأله عن ذلك فذكر كلاماً معناه أنه يدخل عليه من الضرر في الخروج أكثر مما يدخل عليه النفع. رجعنا إلى ذكر زيد اليفاعي: روى ابن سمرة عن بعض من أدرك أنه قال: دخلت الجند أستفتيه عن مسألة في الفرائض - وكان صغير الخلق دقيق الجسم - فوجدته يدرس أصحابه في دهليز بيته، فهبته هيبة عظيمة، فغلطت سؤالي، ورددت كلامي، فآنسني بكلامه، وأجابني عن سؤال بأحسن الجواب. قلت وقوله: كان صغير الخلق دقيق الجسم: أراد بذلك الإعلام بحليته والتعريف دون الانتقاص والتعنيف، وقد وجد مثل هذا الخلق في كثير من العلماء والأولياء على ما اقتضت حكمة العليم القدير من التفاوت بين الكبير من الخلق والصغير. وحكى ابن سمرة أنه سئل بعض الفقهاء بحضرة الإمام زيد المذكور عن الفقيه ابراهيم ابن علي ابن الإمام الحسين بن علي الطبري مصنف كتاب العدة؛ كيف كان حاله في العلم؟

طور بواسطة نورين ميديا © 2015