وفيها توفي أبو الحسين الخشاب يحيى بن علي بن الفرج المصري، شيخ الإقراء با لروايات. وفيها توفي اسماعيل بن أبي الحسين عبد الغافر بن محمد الفارسي، ثم النيسابوري. وأبو يعلى حمزة بن محمد بن علي البغدادي أخو طراد الزينبي. وفيها توفي أبو الحسن علي بن محمد بن علي الطبري الفقيه الشافعي، المعروف بألكيا، بكسر الكاف وفتح المثناة من تحت والتخفيف وبعدها ألف، وهي في اللغة العجمية الكبير القدر المقدم بين الناس، كان من أهل طبرستان، فخرج إلى نيسابور، وتفقه على إمام الحرمين أبي المعالي الجويني مدة إلى أن برع، وكان حسن الوجه جهوري الصوت فصيح العبارة حلو الكلام، وخرج من نيسابور إلى بيهق، ودرس بها مدة، ثم خرج إلى العراق، وتولى التدريس بالنظامية ببغداد إلى أن توفي. ذكره الحافظ عبد الغافر بن اسماعيل الفارسي وقال: كان من درس معيداً إمام الحرمين في الدروس، وكان ثاني أبي حامد الغزالي، بل أرجح منه في الصوت والمنظر، ثم اتصل بخدمة الملك بركيا روق - بالموحدة قبل الراء والمثناة من تحت بين الكاف والراء مكررة قبل الكاف والواو ابن ملك شاه السلجوقي، وحظي عنده بالمال والجاه، وارتفع شأنه، وتولى القضاء بتلك الدولة، وكان يستعمل الأحاديث في ميادين الكفاح إذا طارت رؤوس المقاييس في مهاب الرياح. قال الحافظ أبو طاهر السلفي: استفتيت شيخنا أبا الحسن المعروف بالكيا، وقد جرى بيني وبين الفقهاء كلام في المدرسة النظامية - ما يقول الإمام - وفقه الله تعالى - في رجل أوصى بثلث ماله للعلماء والفقهاء، هل يدخل كتبة الحديث تحت هذه الوصية أم لا؟ فكتب الشيخ تحت السؤال: نعم، كيف لا؟ وقد قال النبي - صلى الله عليه وآله وسلم " من حفظ على أمتي أربعين حديثاً من أمر دينها بعثه الله تعالى يوم القيامة فقيهاً عالماً " انتهى. قلت الظاهر - والله أعلم إنه محمول على ما إذا عرف معنى الحديث وأحكامه، وإلا فلا يدخل في الوصية، وقد وقفت بعد قولي هذا على ما يؤيده - والحمد لله تعالى - وهو ما نص عليه الإمام الرافعي، وقرره الإمام النووي في الروضة، قال: فيما إذا أوصي للعلماء لا يدخل فيهم الذين يسمعون الحديث، ولا علم لهم بطرقه، ولا بأسماء الرواة، ولا بالمتون، فإن السماع المجرد ليس بعلم. توفي رحمه الله تعالى يوم الخميس مستهل السنة المذكورة، ودفن في تربة الشيخ أبي إسحاق الشيرازي، وحضر دفنه الشريف أبو طالب الزينبي وقاضي القضاة أبو الحسن