دقاق ورضوان ابنا تتش بقنسرين، فانكسر دقاق، ونهب عسكره، ثم تصالحا على أن يقدم أخاه في الخطبة بدمشق. وفيها أقام رضوان بحلب دعوة العبيديين، وخطب للمستعلي الباطني، ثم بعد أشهر
أنكر عليه صاحب أنطاكية وغيره، فأعاد الخطبة العباسية. وفيها توفي أبو يعلى أحمد بن محمد البصري الفقيه المعروف بابن الصواف شيخ مالكية العراق، وله تسعون سنة، وكان علامة زاهداً مجداً في العبادة، عارفاً بالحديث. قال بعضهم: كان إماماً في عشرة أنواع من العلوم. توفي في رمضان. وفيها توفي أبو الفتح عبدوس بن عبد الله بن عبدوس، رئيس همدان ومحدثها. سمع من محمد بن أحمد بن حمدويه الطوسي، وروى عنه الإمام أبو زرعة. وفيها توفي الفقيه الإمام، العالي المقام، الصالح المشهور، مفتي الأنام، الفقيه الزاهد، الورع العابد، ذو المناقب العديدة، والسيرة الحميدة أبو الفتح شيخ الشافعية بالشام نصر بن ابراهيم المقدسي النابلسي، صاحب التصانيف، قال علماء التاريخ: كان إماماً علامة، مفتياً محدثاً، حافظاً زاهداً، متبتلاً ورعاً، كثير القدر عديم النظير. قال الحافظ أبو القاسم ابن عساكر: درس العلم ببيت المقدس، ثم انتقل إلى صور، فأقام بها عشر سنين ينشر العلم، مع كثرة المخالفين له من الرافضة، ثم انتقل منها إلى دمشق، فأقام بها سبع سنين يحدث، ويدرس، ويفتي على طريقة واحدة من الزهد في الدنيا والتنزه عن الدنايا، والجري على منهاج السلف من التقشف وتجنب السلاطين، ورفض الطمع، والاجتزاء باليسير، مما يصل إليه من غلة أرض كانت له، يأتيه منها ما يقتاته، فيخبز له كل ليلة قرصة بجانب الكانون، ولا يقبل من أحد شيئاً. قال وسمعت من يحكي أن تاج الدولة ابن ألب أرسلان زاره يوماً، فلم يقم له، وسأله عن أجل الأموال التي يتصرف بها السلطان، فقال: أجلها أموال الجزية، وخرج من عنده فأرسل إليه بمبلغ من المال، وقال: هذا من مال الجزية، ففرقه على الأصحاب، فلم يقبله، وقال: لا حاجة بنا إليه. فلما ذهب الرسول لامه بعض الفقهاء، وقال: قد علمت حاجتنا إليه، فلو كنت قبلته، وفرقته فينا، فقال له: لا تجزع من فوته، فسوف يأتيك من الدنيا ما