ومن تصانيفه المشهورة المفيدة النافعة الحميدة الشامل في أصول الدين، والإرشاد والعقيدة النظامية وغياث الأمم في الإمانة ومغيث الخلق في اختيار الحق والبرهان في أصول الفقه وتلخيص التقريب وكتاب تلخيص نهاية المطلب، ولم يتمه وغنية المسترشدين في الخلاف، وغير ذلك من الكتب. وقال الراوي: ولقد قرأت فصلاً ذكر علي بن حسن بن أبي الطيب في كتاب دمية
القصر مشتملاً على حاله. قلت: وقد وقفت على ما ذكره فيه، وبالغ في مدحه، وشكره بمحاسن يطول ذكرها، ويعظم شكرها، منها قوله: فالفقه فقه الشافعي، والأدب أدب الأصمعي، وحسن بصيرة بالمواعظ الحسن البصري، وكيفما كان فهو إمام كل إمام، المستعلي بهمته على كل همام، والفائز بالظفر على إرغام كل ضرغام. وقال الشيخ أبو الحسن بن أبي عبد الله الأديب في كتابه: كم له من فضل مشتمل على العبارة الفصيحة العالية، والنكت البديعة والنادرة، في المحافل منه سمعناه، وكم من مسائل في النظر شهدناه، ورأينا منه في إقحام الخصوم وعهدناه، وكم من مجلس في التذكير للعوام مسلسل المسائل، مشحون بالنكت المستنبطة من مسائل الفقه، مشتملة على حقائق الأصول، مبكية في التحذير، مفرحة في التبشير، مختومة بالدعوات وفنون المناجاة، حضرناه وكم من مجمع للتدريس جاء، وللكبار من الأئمة وإلقاء المسائل عليهم والمباحث في غورها رأيناه، وحصلنا بعض ما أمكننا منه وعقلناه، ولم نقدر ما كنا فيه من نصرة أيامه وزهرة شهوره وأعوامه حق قدره، ولم نشكر الله عليه حق شكره حتى فقدناه وسلبناه. قال: وسمعته يقول في أثناء كلامه: أنا لا أنام، ولا آكل عادة، وإنما أنام إذ غلبني النوم ليلاً كان أو نهاراً، آكل إذا اشتهيت أي وقت كان. وكانت لذته ولهوه ونزهته في مذاكرة العلم وطلب الفائدة من أي نوع كان. وقال: لقد سمعت الشيخ أبا الحسن المجاشعي النحوي القادم علينا سنة تسع وستين وأربع مائة يقول: وقد قبله الإمام فخر الإسلام وقابله بالإكرام، وأخذ قي قراءة النحو عليه وتلمذ له بعد أن كان إمام الأئمة في وقته، وكان يحمله كل يوم إلى داره، ويقرأ عليه كتاب أكسير الذهب في صنعة الأدب من تصنيفه. وكان يحكي ويقول: ما رأيت عاشقاً للعلم أي نوع كان كمثل هذا الإمام، فإنه يطلب العلم للعلم، هذا بعض كلامه. قال بعض الأئمة: وكان كذلك.