ومنها أن الداعي علي بن الفضل الذي ملك اليمن كان داعياً لإمام لهم، كان مستتراً في بلاد الشام، والصليحي المذكور كان داعياً للمستنصر العبيدي صاحب مصر. ومنها أن على بن فضل لما استولى على اليمن تظاهر بالزندقة، وخلع الإسلام، وأمر جواريه أن يضربن بالدفوف على المنبر، وتغنين بشعر قاله، أوله:
خذي الدف يا هذه واضربي ... وغني هزاريك ثم أطربي
تولى نبي بني هاشم ... وهذا نبي بني يعرب
وقد حط عنا فروض الصلاة ... وحط الصيام ولم يتعب
قلت: وقوله نبي بني يعرب بالنبي نفسه، وأنه جاء بشريعة مسقطة للفروض التي أوجبتها شريعة محمد صلى الله عليه وآله وسلم، يزعم المارق - لعنه الله - أن ما نسب إليه كان صحيحاً، ويحتمل أنهما قضيتان في زمانين والله أعلم.
فيها فتح تاج الدولة أخو السلطان ملكشاه طرسو. وفيها توفي أبو الوليد الباجي سليمان بن خلف المالكي الأندلسي، كان من علماء الأندلس وحفاظها، سكن شرق الأندلس، ررحل إلى الشرق، فأقام بمكة مع أبي ذر الهروي ثلاثة أعوام، وكان يمضي معه إلى السراة مع أهل أبي ذز، وحج أربعة أعوام، ثم رحل إلى بغداد، فأقام بها ثلاثة أعوام يدرس الفقه ويقرأ الحديث، ولقي فيها جماعة من العلماء، منهم: الإمام أبو الطيب الطبري، تفقه عليه، والشيخ أبو إسحاق الشيرازي، وأقام بالموصل مع أبي جعفر الشيباني يدرس عليه الفقه، كذا ذكر ابن خلكان.
وقال الذهبي: أخذ عنه علم الكلام، وسمع الكثير، وبرع في الحديث والفقه والأصول والنظر، ورد إلى وطنه بعد ثلاثة عشر سنة، وكان ممن روى عنه الحافظ أبو بكر الخطيب ويونس بن عبد الله بن مغيث ومكي بن أبي طالب وابن غيلان، وغيرهم. وقال أبو علي بن سكرة: ما رأيت أحداً على سمته وهيبته وتوفير مجلسه، وصنف كتباً كثيرة منها كتاب المنتقى وكتاب إحكام الفصول في أحكام الأصول وكتاب التعديل والتجريح فيمن روى عنه البخاري في الصحيح وغير ذلك، وكان أحد الأئمة الأعلام