كان إماماً في الحديث، وله كتاب مفيد، ساه تقييد المهمل ضبط فيه كل لفظ يقع فيه اللبس من رجال الصحيحين في جزئين، وما قصر فيه. وكان من جهابذة المحدثين، وكبار العلماء المفيدين، حسن الخط جيد الضبط، له معرفة بالغريب والشعر والأنساب. ونسبته إلى جيان بفتح الجيم وتشديد المثناة من تحت مدينه كبيرة بالأندلس، وبأعمال الري قرية يقال له جيان أيضاً. والغساني نسبة إلى غسان وقد تقدم الكلام عليه.

سنة ثمان وعشرين واربع مائة

فيها توفي أبو الحسين أحمد بن محمد الفقيه الحنفي القدوري، انتهت إليه رئاسة الحنفية بالعراق. وكان حسن العبارة في النظر، وسمع الحديث، وروى عنه الخطيب أبو بكر، وصنف في مذهبه المختصر وغيره، وكان يناظر الشيخ أبا حامد الاسفرائيني الفقيه الشافعي، وقد تقدم في ترجمة أبي حامد ما بالغ القدوري في مدحته. والقدوري نسبة إلى عمل القدور، جمع قدر. وفيها توفي الحافظ أحمد بن منجويه بالنون والجيم والمثناة من تحت بعد الواو رحل وسمع، وصنف التصانيف. وفيها توفي مهيار الشاعر المشهور الفارسي. كان مجوسياً فأسلم، ويقال إن إسلامه كان على يد الشريف الرضي، وعليه تخرج في نظمه، وله ديوان كبير يدخل في أربع مجلدات. ومن شعره:

يراها بعين الشوق قلبي على النوى ... فيخطىء ولكن من لعيني برؤياها

فالله ما أصفى وأكدر حبها ... وأبعدها مني الغداة وأدناها

وهما من قصيدة شهيرة. وقال أبو الحسن صاحب دمية القصر: ومن شعره أيضاً:

ملحاً على البخل الشحيح بماله ... أفلا يكون بماء وجهك أنجلا

أكرم يديك عن السؤال فإنما ... قدر الحياة أقل من أن تسألا

ولقد أضم إلي فضل قناعتي ... وأتيت مشتملاً بها متزملا

وإذا امرؤ أفنى الليالي حسرة ... وأمانياً أفنيتهن توكلا

وفيها توفي الرئيس أبو علي المعروف بابن سينا الحكيم المشهور، الحسين بن عبد الله ابن الحسن بن علي بن سينا. قال ابن خلكان: تنقل الرئيس ابن سينا في البلاد، واشتغل بالعلوم، وحصل الفنون، ولما بلغ عشر سنين كان قد أتقن علم القرآن الكريم والأدب،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015