ومن ظن أن يمحو جلي جفائه ... خفى اعتذار فهو في أعظم الغلط
وفي الإمام أبي حامد المذكور ما هو عن بعضهم بهذا اللفظ مسطور، لما عاد مريضاً أنشأ المريض يقول:
مرضت فاشتقت إلى عائد ... فعادني العالم في واحد
ذاك الإمام ابن طاهر ... أحمد ذو الفضل أبو حامد
وكانت ولادته رحمه الله في سنة أربع وأربعين وثلاثمائة، وقدم بغداد في سنة ثلاث وستين وثلاثمائة. وقال الخطيب: سنة أربع وستين. ودرس الفقه بها من سنة سبعين إلى أن توفي في السنة المذكورة، ودفن في داره، ثم نقل إلى باب حرب في سنة عشر وأربعمائة. قلت: وهذا يقتضي أنه نقل بعد موته بأربع سنين، وأن جسده ما بلي، ويكون ذلك كرامة في حقه. وقال الخطيب: صليت على جنازته في الصحراء، وكان الإمام في الصلاة عليه عبد الله بن المهدي، خطيب جامع المنصور، وكان يوماً مشهوراً بعظم الحزن وكثرة الناس وشدة البكاء. ونسبته إلى إسفراين بكسر الهمزة وسكون السين المهملة وفتح الفاء والراء وكسر الياء المثناة من تحت وبعدها نون هي بلدة بخراسان بنواحي نيسابور على منتصف الطريق إلى جرجان.
وفيها توفي الشيخ الكبير العارف بالله الشهير، وحيد عصره ونسيج وحده، الأستاذ أبو علي الحسن بن علي الدقاق النيسابوري. وفيها توفي الإمام الكبير الأستاذ الشهير محمد بن الحسن بن فورك بضم الفاء وسكون الواو وفتح الراء الأصفهاني، صاحب التصانيف الحميدة والسيرة السديدة والفضائل العديدة والعزيمة الشديدة والشمائل الجريدة والأوصاف السعيدة، المتكلم الأصولي، الأديب النحوي الواعظ. دخل العراق، وأقام بها مدة يدرس العلم، ثم توجه إلى الري، فسمعت به المبتدعة، فراسله أهل نيسابور، والتمسوا منه التوجه إليهم، ففعل، وورد نيسابور، فبنى له مدرسة وداراً، وأحيى الله به أنواعاً من العلوم. ولما استوطنها ظهرت بركته على جماعة المشتغلين بالعلم، وبلغت مصنفاته في أصول الفقه والدين ومعاني القرآن قريباً من مائة مصنف، ورحل إلى مدينة غزنة بفتح الغين المعجمة والنون وسكون الزاي بينهما مدينة عظيمه في أوائل الهند من جهة خراسان، وجرت له بها مناظرات كثيرة. ومن كلامه رضي الله تعالى عنه: الشغل بالعيال نتيجة متابعة شهوة الحلال، فما ظنك