اللغوي الإخباري الفاضل ابن الفاضل، قد تقدم ذكر أبيه في سنة ثمان وستين مع ذكر شيء من فضائله، وهو السيرافي المشهور بين النحاة، وهذا ابنه كان عالماً بالنحو، وتصدر في مجلس أبيه بعد موته، وخلفه على ما كان عليه، وكمل كتاب أبيه الذي سماه " الإقناع " وهو كتاب جليل نافع في بابه. فإن أباه كان قد شرح كتاب سيبويه، وظهر له بالإطلاع والبحث في حال التصنيف ما لم يظهر لغيره من المعاني، ثم صنف " الإقناع " وكأنه ثمرة استفادته حال البحث والتصنيف، ومات قبل إكماله فكمله ولده المذكور. وليوسف عدة كتب، منها: " شرح أبيات كتاب سيبويه " وهو في غاية من الجودة. و " شرح أبيات كتاب إصلاح المنطق "، وأجاد فيه أيضاً، وكذلك " شرح أبيات المجاز " لأبي عبيدة، و " أبيات معاني الزجاج "، و " أبيات غريب أبي عبيد القاسم بن سلام " وغير ذلك. وكانت كتب اللغة تقرأ عليه مرة رواية، ومرة دراية، و " كتاب البارع " للمفضل بن سلمة في عدة مجلدات هذب " كتاب العين " في اللغة المنسوب إلى الخليل، وأضاف إليه من اللغة طرفاً صالحاً وعن عبد السلام البصري خازن دار العلم ببغداد قال: كنت في مجلس أبي سعيد السيرافي وبعض أصحابه يقرأ عليه إصلاح المنطق لابن السكيت فمر ببيت جميل:
ومطوية الأتراب أما نهارها ... فمكث وأما ليلها فذميل
وقال أبو محمد يوسف بومطوية بالخفض أصلح. ثم التفت إلينا وقال: هذه وأورب فقلت: أطال الله بقاء القاضي، إن قبله ما يدل على الرفع، فقال: ما هو. قلت:
إياك في الله الذي أنزل الهدى ... والنور والإسلام عليك دليل
ومطوية الأتراب، قال فعاد وأصلحه، وكان ابنه أبو محمد حاضر، فتغير وجهه لذلك، ونهض لساعته إلى دكانه، فباعه واشتغل بالعلم إلى أن برع فشرح كتاب المنطق وحدث من وراءه بعمل هذا الشرح، وبين يديه أربعمائة ديوان، ولم يزل أمره على سداد واشتغال وإفادة إلى أن توفي، وكان ديناً صالحاً ورعاً متقشفاً رحمه الله.
؟؟
فيها توفي شيخ الإسلام، قدوة الأولياء الكرام أبو طالب المكي صاحب قوت القلوب محمد بن علي بن عطية الحارثي، نشأ بمكة، وتزهد، ولقي الصوفية، وصنف ووعظ، وكان في البداية صاحب رياضة ومجاهدة، وفي النهاية صاحب أسرار ومشاهدة وأستاذه الشيخ الكبير العارف بالله الشهير أبو الحسن بن سالم البصري.
وفيها توفي العزيز بالله أبو منصور، نزار بن المعز بالله معد بن المنصور إسماعيل القاسم بن محمد بن المهدي العبيدي الباطن، صاحب المعز ومصر والشام، ولي الأمر بعد