وفيها توفي سعد الدولة أبو المعالي شريف بن سيف الدولة بن حمدان الثعلبي صاحب حلب، وولي بعده ابنه سعد، فلما مات ابنه سعد انقرض ملك سيف الدولة من جهة ذريته.
وفيها توفي الحافظ أبو بكر ابن المقرىء محمد بن إبراهيم الأصفهاني صاحب الرحلة الواسعة، وقاضي الجماعة أبو بكر القرطبي المالكي صاحب التصانيف، وأحفظ أهل زمانه لمذهبه.
فيها منع أبو الحسن بن المعلم الكوكبي الرافضة من عمل المآتم يوم عاشوراء الذي كان يعمل من نحو ثلاثين سنة، وأسقط طائفة من كبار الشهود الذين ولوا بالشفاعات، وقد كان استولى على أمور السلطان بهاء الدولة كلها.
وفيها شغبت الجند، وعسكروا، وبعثوا يطلبون من بهاء الدولة أن يسلم إليهم ابن المعلم، وصمموا على ذلك إلى أن قال له رسولهم: أيها الملك، اختر بقاءه أو بقاءك، فقبض حينئذ عليه وعلى أصحابه، ما زالوا به حتى قتلوه رحمة الله عليه.
وفيها توفي أبو أحمد الحسن بن عبد الله بن سعيد العسكري، أحد الأئمة في الأدب والحفظ، وهو صاحب أخبار ونوادر واتساع في الرواية، وله التصانيف المفيدة. وكان الصاحب بن عباد يريد الاجتماع به، ولا يجد إليه سبيلاً، فقال لمخدومه مريد الدولة: إن البلد الفلاني قد اختل حاله، وأحتاج إلى كشف، فأذن لي في ذلك، فأذن، فلما أن وصل توقع أن يزوره أبو أحمد المذكور، فلم يزره، فكتب الصاحب إليه:
ولما أبيتم أن تزوروا وقلتم ... ضعيف فلم نقدر على الوجدان
أتيناكم من بعد أرض نزوركم ... منزل بكر عندنا وعوان
وكتب مع ذلك شيئاً من نثر بحال أبي أحمد. والبيت المشهور:
أهم بأمر الحزم لو أستطيعه ... وقد حيل بين العير والنزوان
فعجب الصاحب من اتفاق هذا البيت له، وذكر أنه لو عرف أنه يقع له هذا البيت لغير الروي. والبيت المذكور لأخي الخنساء صخر بن عمرو بن الشريد مع أبيات أخرى، وكان قد حضر محاربة بني أسد، فطعنه ربيعة بن ثور الأسدي، فأدخل بعض حلقات الدرع في جنبه، وبقي مدة حول في أشد ما يكون من المرض، وأمه وزوجته سلمى تمرضانه، فضجرت زوجته منه، فمرت بها امرأة، فسألتها عن حاله فقالت: لا هو حي فيرجى، ولا