والشاشي غير القفال هو فخر الإسلام محمد بن أحمد، مصنف المستظهري شيخ الشافعية في زمانه. تفقه على محمد بن بنان الكازروني، ثم لزم الشيخ أبا إسحاق وابن الصباغ ببغداد، وصنف وأفتى، وولي تدريس النظامية، ودفن عند الشيخ أبي إسحاق، وسيأتي ذكره إن شاء الله تعالى في سنة سبع وخمسمائة التي توفي فيها. فهذا الكلام فيهم قد أوضحته جداً حتى عن حد البيان تعدى. والقفال الشاشي المذكور في سنة خمس وستين وثلاثمائة، المذكور صاحب وجه في المذهب، وممن نبه على الخلاف في أن كتاب التقريب له أو لولده الإمام العجلي، وشرح مشكلات الوجيز والوسيط، ذكر ذلك في " كتاب التيمم ".

قلت: وإنما بسطت الكلام في هذا، وخرجت إلى الإسهاب الخارج عن مقصود الكتاب، لاحتمال أنه اتفق عليه من يحتاج إليه من الفقهاء. ونسأل الله تعالى التوفيق وسلوك الطريق الصواب.

وقال الحليمي: كان شيخنا القفال أعلم من لقيته من علماء عصره، وفي وفاته اختلاف.

وفيها توفي المعز لدين الله: أبو تميم معد بن المنصور إسماعيل بن القائم بن المهدي العبيدي، صاحب المغرب والديار المصرية. ولما افتتح مولاه جوهر سجلماسة مع فاس، وسعه إلى البحر المحيط، وخطب له في بلاد المغرب، وبلغه موت كافور الاخشيذي صاحب مصر، جهز جوهر المذكور الجيوش والأموال، قيل خمسمائة ألف دينار، أنفقها على جميع قبائل المغرب حتى البربر، فأخذ الديار المصرية، وبنى مدينة القاهرة المغربية، وكان مستظهراً للتشيع، معظماً لحرمة الإسلام، حليماً كريماً، وقوراً حازماً سرياً، يرجع إلى إنصاف مجرى الأمور على أحسن أحكامها. ولما كان منتصف شهر رمضان سنة ثمان وخمسين وثلاث مائة، وصلت البشارة بفتح الديار المصرية، ودخول عساكره إليها، وانتظام الحال بمصر والشام والحجاز، وإقامة الدعوة له بهذه المواضع، فسر بذلك سروراً عظيماً، واستخلف على إفريقية، وخرج متوجهاً إلى ديار مصر بأموال جليلة المقدار، ورجاء عظيمة الأخطار، فدخل الإسكندرية لست بقين من شعبان من سنة اثنتين وستين وثلاثمائة، وركب فيها ودخل الحمام. وقدم عليه قاضي مصر أبو طاهر، وأعيان أهل البلاد، وسلموا عليه، وجلس لهم عند المنارة، وخاطبهم بخطاب طويل يخبرهم أنه لم يرد فيه بدخول مصر لزيادة مملكته وللمال، وإنما أراد إقامة الحج والجهاد، وأن يختم عمره بالأعمال الصالحة،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015