عز الدولة إلى خلع نفسه، وتسليم الخلافه لولده الطائع لله، ففعل ذلك، وأتيت على خلعه قاضي القضاة.
وفيها أقيمت الدعوة بالحرمين للمعز العبيدي، وقطعت خطبة بني العباس، ولم يحج ركب العراق لأنهم وصلوا إلى بعض الطريق، فرأوا هلال ذي الحجة، وأعلموا أن الماء معدوم قدامهم، فعدلوا إلى مدينة النبي صلى الله عليه وآله وسلم فزاروا، ثم رجعوا.
وفيها توفي الحافظ أبو الحسين الشهيد محمد بن أحمد بن سهل الرملي، سلخه صاحب مصر المعز، وكان قد قال: لو كان معي عشرة أسهم لرميت الروم بسهم ورميت بني عبيد بتسعة، فبلغت القائد جوهراً، فلما ظفر به قرره، فاعترف وأغلظ لهم، فقتلوه، وكان عابداً صالحاً زاهداً قوالاً بالحق.
وفيها توفي الحافظ محدث الشام أبو العباس محمد بن موسى السمسار الدمشقي.
وفيها توفي صاحب المعز العبيدي وقاضيه النعمان بن محمد، المكنى بأبي حنيفة، كان من أوعية العلم والفقه والدين والنقل، على ما لا مزيد عليه، كذا ذكر بعض المؤرخين وغير ذلك، وذكر بعض المؤرخين أنه كان في غاية الفضل من أهل القرآن، والعلم بمعانيه، وعالماً بوجوه الفقه، وعلم اختلاف الفقهاء واللغة والشعر والمعرفة بأيام الناس، مع عقل وإنصاف، وألف لأهل البيت من الكتب آلاف أوراق بأحسن تأليف، وأملح أسجع، وعمل في المناقب والمثالب كتاباً حسناً، وله ردود على المخالفين لأبي حنيفة ومالك والشافعي وابن شريح وكتاب اختلاف الفقهاء ينتصر فيه لأهل البيت، وقصيدة فقهية. وكان ملازماً صحبة المعز، ووصل معه إلى الديار المصرية أول دخوله إليها من إفريقية، ولما مات صلى عليه المعز.
فيها أو بعدها ظهرت العيارون واللصوص ببغداد، واستفحل شرهم حتى ركبوا الخيل، وتلقوا بالقواد، وأخذوا الضريبة من الأسواق والدروب، وعم البلاء وفيها قطعت خطبة الطائع لله ببغداد خمسين يوماً، فلم يخطب لأحد، لأجل شعث وقع بينه وبين عضد الدولة عند قدومه العراق، فإن عضد الدولة قدم من شيراز، فأعجبته مملكة العراق فاستمال الأمراء، وجرت أمور يطول ذكرها.