وفيها توفي أبو الفوارس الصابوني، أحمد بن محمد السندي الفقيه المعمر، مسند ديار مصر، عن يونس بن عبد الأعلى والمزني والكبار.

وفيها توفي الفقيه العلامة أبو الوليد، حسان بن محمد القرشي الأموي النيسابوري، شيخ الشافعية بخراسان، وصاحب شريح صاحب التصانيف، وكان بصيراً بالحديث وعلله، وأخرج كتاباً على صحيح مسلم، وهو صاحب وجه في المذهب، وقال الحاكم: هو إمام أهل الحديث بخراسان، وأزهد من رأيت من العلماء وأعبدهم.

وفيها توفي الحافظ أحد الأعلام أبو علي الحسين بن علي بن يزيد النيسابوري. قال الحاكم: هو أوحد عصره في الحفظ والإتقان والورع والمذاكرة والتصنيف.

وفيها توفي الحافظ أبو أحمد العتباني محمد بن أحمد قاضي أصفهان. قال الحافظ أبو نعيم: كان من كبار الحفاظ.

خمسين وثلاث مائة

قالوا فيها بنى معز الدولة ببغداد دار السلطنة في غاية الحسن والكبر، غرم عليها ثلاثة عشر ألف ألف درهم، وقد درست آثارها في حدود الستمائة، وبقي مكانها تأوي إليه الوحوش، وبعض أساسها موجود، فإنه حفر لها في الأساسات نيفاً وثلاثين ذراعاً.

وفيها توفي أبو شجاع فاتك الكبير، المعروف بالمجنون، كان روميا أخذ صغيراً هو وأخ له وأخت لهما من بلاد الروم، فتعلم بفلسطين، وهو ممن أخذه الإخشيذ من سيده بالرملة كرهاً بلا ثمن، فأعتقه صاحبه، وكان معهم حراً في عدة المماليك، وكان كريم النفس بعيد الهمة شجاعاً، كثير الإقدام، ولذلك قيل له المجنون. وكان رفيق الأستاذ كافور في خدمته الاخشيذ، فلما مات مخدومهما، وتعزز كافور في تربية ابن الاخشيذ، أنف فاتك من الإقامة بمصر، كي لا يكون كافور أعلى رتبة منه، ويحتاج إلى أن يركب في خدمته. وكانت الفيوم وأعمالها إقطاعاً، فانتقل واتخذها سكناً له، وهي بلاد وبية كثيرة الوخم، فلم يصح بها له جسم، وكان كافور يكرمه ويخافه فزعاً منه، وفي نفسه منه ما فيها، واستحكمت العفة في جسم فاتك وإخوته، فاحتاج إلى دخول مصر للمداواة، فدخلها.

وبها دخل المتنبي ضيفاً للأستاذ كافور، وكان يسمع فاتك كثرة سخائه، غير أنه لا يقدر على قصد خدمته خوفاً من كافور، وفاتك يسأل عنه ويراسله السلام، ثم التقيا في الصحراء مصادقة من غير ميعاد، وجرى بينهما مفاوضات، فلما رجع فاتك إلى داره حمل للمتنبي في ساعته هدية قيمتها ألف دينار، ثم أتبعها بهدايا بعدها، فاستأذن المتنبي كافوراً

طور بواسطة نورين ميديا © 2015