وفي رمضان أيضاً دخل بزينب بنت جحش، وبزينب بنت خزيمة العامرية أم المساكين، وعاشت عنده نحواً من ثلاثة أشهر. ثم توفيت. وفيها تزوج عثمان رضي الله عنه بأم كلثوم بنت النبي صلى الله عليه وآله وسلم. وفيها تحريم الخمر، ووقعة أحد يوم السبت السابع من شوال، وصحح بعضهم أنها في الحادي عشر منه، فاستشهد فيها عم النبي صلى الله عليه وآله وسلم، الأسد المتغلب أبو يعلى حمزة بن عبد المطلب رضي الله تعالى عنه، ومناقبه مشهورة، وسيرته مشكورة. وشجاعته معروفة. ونجابته موصوفة، وقد ورد أنه لما بلغه أن أبا جهل آذى النبي صلى الله عليه وآله وسلم بمكة قصده حمزة، فشجه بقوس كانت في يده. جاء بها من الصيد ومشاهده معروفة منها يوم بدر، ويوم أحد قتل فيها جماعة وبلي فيها بلاء حسناً، وكان ممن قتل يوم بدرعتبة بن ربيعة، وقيل: بل أخوه شيبة مبارزة، وما ندبه صلى الله عليه وآله وسلم إلى البراز يوم بدر للعدى إلا لما علم فيه من النجدة، ومكافحة الأقران أولى الاعتداء، وكان يقال له: أسد الله، وأسد رسوله أسلم في السنة الثالثة، وقيل في السنة السادسة من مبعثه، صلى الله عليه وآله وسلم ولم يسلم من إخوته سوى العباس، وكانوا تسعة، وقيل عشرة، وقيل اثنا عشر، وهم حمزة، والعباس، وأبو طالب، واسمه عبد مناف، والحارث، وهو أكبرهم سناً، والزبير، وعبد الكعبة، والمقوم، والمغيرة، وضرار، وأبو لهب، واسمه عبد العزى، والغيداق، وعبد الله والد رسول الله صلى الله عليه وسلم. ولما وقف صلى الله عليه وسلم عليه مقتولاً ممثلاً به يوم أحد حلف ليقتلن به سبعين من قريش، فأنزل الله عز وجل " وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به ولئن صبرتم لهو خير للصابرين " فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " بل نصبر "، وكفرعن يمينه، ورثاه كعب ابن مالك، وقيل عبد الله بن رواحة، فقال:
بكت عيني، وحق لنا بكاها ... وما يغني البكاء ولا العويل
على أسد ألا له غداة قالوا ... لحمزة ذاكم الرجل القتيل
أصيب المسلمون به جميعاً ... هناك وقد أصيب به الرسول