دمشق، في السنة المذكورة، وقيل في سنة تسع وثلاثين وثلاث مائة، والله أعلم.

وفي السنة المذكورة توفي الحافظ الإمام، محدث الأندلس، أبو محمد قاسم بن أصبغ القرطبي، صنف كتاباً على وضع سنن أبي داود، وكان إماماً في العربية.

وفيها توفي أبو الحسن الكرخي شيخ الحنفية بالعراق، وانتهت إليه رئاسة المذهب، وخرج له أصحاب أئمة. وكان إماماً قانعاً متعففاً عابداً صواماً قواماً كثير القدر.

إحدى وأربعين وثلاث مائة

فيها ظهر رجل وامرأة من التناسخية، يزعم الرجل أن روح علي رضي الله عنه انتقلت إليه. وتزعم المرأة أن روح فاطمة رضي الله تعالى عنها انتقلت إليها. وآخر يدعي أنه جبريل، فضربهم الوزير المهلبي، فتعززوا بالانتماء إلى أهل البيت. وكان بعض الولاة إذ ذاك شيعياً، فأمر بإطلاقهم. وفيها أخذت الروم مدينة سروج.

وفيها توفي طاهر المنصور، إسماعيل بن القائم بن المهدي العبيدي الباطني، صاحب المغرب. حارب مخلداً الأباضي الذي قد قمع بني عبيد، واستولى على مماليكه، فأسره وسلخه بعد موته، وحشى جلده. وكان المنصور المذكور بطلاً شجاعاً فصيحاً مفوهاً، يرتجل الخطب. وكان سبب موته أنه أصابهم مطر، نزل فيه برد كبير، وهبت ريح شديدة، فأوهن ذلك جسمه، واشتد عليه البرد، ومات أكثر من معه، فأراد أن يدخل الحمام، فنهاه طبيبه إسحاق بن سليمان الإسرائيلي، فلم يقبل منه، ودخل الحمام فنالت الحرارة الغريزية منه، ولازمه السهر، فأقبل إسحاق يعالجه، والسهر باق على حاله، فاشتد ذلك عليه، فقال لبعض الخدم: أما بالقيروان طبيب يخلصني من هذا. فقيل: هنا شاب قد نشأ، يقال له إبراهيم، فأمر بإحضاره، فحضر، فعرفه، وشكا ما به، فجمع له أشياء منومة، وجعلت في قنينة على النار، وكلفه شمها. فلما أدمن شمها نام، وخرج إبراهيم مسروراً بما فعل، وجاء إسحاق ليدخل عليه فقالوا: هو نائم، فقال: إذا كان قد صنع له شيئاً ينام به فقد مات، فدخلوا عليه، فوجدوه قد مات، فأرادوا قتل إبراهيم، فقال إسحاق: ما له ذنب، إنما داوأه بما ذكره الأطباء، غير أنه جهل أصل المرض، وما عرفتموه ذلك، إني كنت

طور بواسطة نورين ميديا © 2015