علم الأصول، وأريد أن أسألك عن مسألة في الفقه، قال: اسأل عما شئت، فقال له: ما تقول في الصلاة بغير الفاتحة: قال: حدثنا زكريا بن يحيى قال: حدثنا عبد الجبار قال حدثنا سفيان، قال: حدثني الزهري عن محمود بن الربيع، عن عبادة بن الصامت، عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: " لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب ".
وحدثنا زكريا قال: حدثنا بندار قال: حدثني يحيى بن سعيد بن جعفر بن ميمون قال حدثني أبو عثمان عن أبي هريرة قال: أمرني رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أن أنادي بالمدينة أنه لا صلاة إلا بفاتحة الكتاب. قال: فسكت القائل، ولم يقل شيئاً.
قال الإمام الحافظ أبو القاسم ابن عساكر: وفي هذه الحكاية دلالة ظاهرة على أن أبا الحسن كان يذهب مذهب الشافعي رضي الله تعالى عنه قال: كذلك ذكر أبو بكر بن فورك، يعني الإمام المشهور في كتاب طبقات المتكلمين، وذكر غيره عن أئمتنا وشيوخنا الماضين.
وروى الإمام الحافظ أبو القاسم ابن عساكر المذكور، بسنده إلى الإمام الأستاذ أبي إسحاق الاسفرايني قال: كنت في جنب الشيخ أبي الحسن الباهلي كقطرة في البحر وسمعت الشيخ أبا الحسن الباهلي يقول: كنت في جنب الشيخ أبي الحسن الأشعري كقطر في البحر.
قلت: يعني بالباهلي المذكور شيخه، وشيخ الإمام ابن فورك، وتلميذ الشيخ أبي الحسن الأشعري. كما روى الحافظ أبو القاسم ابن عساكر، بسنده إلى القاضي أبي بكر الباقلاني قال: كنت أنا والأستاذ أبو إسحاق الاسفرايني، والأستاذ ابن فورك معاً في درس الشيخ أبي الحسن الباهلي، تلميذ الشيخ أبي الحسن الأشعري، قال: وكان من شدة اشتغاله بالله تعالى مثل واله أو مجنون، وكان يدرس لنا في كل جمعة مرة واحده، وكان منا في حجاب، يرخي الستر بيننا وبينه كي لا نراه. انتهى. قلت: وإنما لم أترجم لهذا السب المذكور يعني أبا الحسن الباهلي لأني لم أقف على تاريخ موته.
وفيه مثل ما ذكر عنه في تدريسه في الجمعة مرة، سمعت من بعض أهل الخير والصلاح أنه كان يقيم في جبل " عدن " رجل مشتغل بالله تعالى، وله معرفة بالغة في النحو وكان ينزل إلى عدن يوماً في الجمعة، يشتغل الناس عليه في النحو.
والمشتغلون بالله والعلم على ثلاثة أقسام: منهم من لا يشتغل بالخلق بالكلية، لا بعلم ولا بعمل. ومنهم من يشتغل بالعلم وبالعمل معاً دائماً. ومنهم من يشتغل بهما أو بأحدهما في نادر من الأوقات كهذين السيدين المذكورين.